من عيوب إنخفاض الجنيه

الوجه الآخر للاحتفال بنصر أكتوبر

خمسون عاما تحتفل مصر بذكرى الانتصار العسكري في أكتوبر المجيد ولم تتطرق الاحتفالات إلى الانتصار الاقتصادي والاجتماعي الذي كان السبب الرئيسي للنصر العسكري.

خمسون سنة من التحليلات العسكرية والتباهي بها دون إشاره من قريب أو من بعيد للانتصار الأقوي وهو الانتصار الاقتصادي والاجتماعي الذي تجرعنا جميعا مرارة افتقاده فور انتهاء الحرب.

وبدء الغرب والعدو في التخطيط  لكسر اقتصادنا وسرقة هويتنا وانتماء الشعب وولائه وتلاحم إرادته في تحدي الظروف الصعبه مع الإراده السياسيه والجيش   والذي اربك العدو والدول الغربيه التي لم تستطيع جر مصر للخضوع لقراراتهم.

لقد كان انتصارا في مواجهةالظروف المعاكسه وضعف التنميه وتراجع مستوى المعيشه  كان انتصارا للتحدي في مواجهة محاولات الخضوع من قبل دول الغرب وأمريكا  فلا يمكن النظر إلى اقتصاد 73 بمعزل عن السنوات التي سبقتها.

فالاقتصاد المصري كان يتجه بخطى واثقه إلى  الأمام وحقق نموا حقيقيا زاد على6% بحلول 1965 وارتفع معدل الاستثمار  إلى حوالى 18 % من الناتج المحلي الإجمالي بدلا من 12% في نهاية الخمسينات وزاد نصيب الصناعه في الصادرات إلى 25% بدلا من 18% وزادت العماله الصناعيه أكثر من ضعف الزياده في إجمالي القوى العامله.

وهذه الزياده لم يعرفها الاقتصاد المصري منذ عهد محمد علي ورغم أن مصر واجهت ظروف بالغة القسوه والخطوره من انخفاض معدل النمو إلى3% وتدهور  المرافق العامه والبنيه الأساسيه وتراجع مستوى المعيشه وانخفاض الأجور وتدهور ميزان المدفوعات نتيجة حرب 67 التي فرضت على مصر طريقا غير الذي كانت تخطط له.

رغم ذلك كله فإنه حتى وفاة عبد الناصر لم تتجاوز ديون مصر مليار و300 مليون دولار وهي نسبه لاتتجاوز 25 % من الناتج القومي الإجمالي في حين قفزت الديون بعد ذلك لتصل اليوم إلى أكثر من 85% من الناتج القومي الإجمالي رغم انتهاء الحرب  وسط كل تلك الظروف اتخذت مصر قرار الحرب وتلاحمت إرادة الشعب مع الإراده السياسيه ومع القوات المسلحه فشارك الشعب بأكمله في الانتصار فاكتتب الشعب في سندات الجهاد ورغم حالة الحرب واحتلال جزء كبير من الأراضي المصريه فإن الاقتصاد كان مستقرا ولم تتجاوز الزياده في السلع الاستهلاكية 2% للجمله و4% للقطاعي كانت الحرب على الجبهه وكان القطاع العام في حرب إنتاج داخليه لتوفير احتياجات المعركه واحتياجات الشعب وقتها بل والتصدير للخارج كانت بيجامات المحله المقلمه أزرق وبني في كل بيت وثلاجات إيديال وسخانات المصانع ومنتجات قها عبر منافذ صيدناوي وبنزايون وعمر أفندي وهانو وبيع المصنوعات كانت الصناعه المصريه فخر العالم.

لابد عند تحليل انتصارات أكتوبر العسكريه تحليل موازي للانتصار الاقتصادي والاجتماعي والذي ابتلينا فيه بهزيمة ساحقه بعد الانفتاح العشوائي في أعقاب حرب أكتوبر وتغيرت طبيعة المجتمع المصري المنتج زراعيا وصناعيا إلى النمط الاستهلاكي الذي نعاني تبعاته جميعا إن مرارة تلك الهزيمه الاقتصاديه التي يتجرعها الشعب المصري يوميا أولى بالدراسه والتحليل لمعرفة الأسباب وأخذ العبره ليعرف شبابنا تلك الملابسات وتكون بمثابة تحصينات وقائيه لما يتم فرضه عليهم من إعلام السوشيال ميديا  والإعلام المخادع وتكون عبره للحكومات المتتاليه والتي اهملت الزراعه والصناعه  وتركتها نهبا للإرهاب الاقتصادي الذي نعيش توابعه اليوم والبنيه المجتمعيه التي تركتها نهبا للإرهاب الفكري المتطرف حينما كنا نأكل ونلبس من مزارعنا ومصانعنا صنعنا هذا النصر الذي نتباهى به اليوم وكل يوم ولكن عميت أبصارنا عن الاعتراف بهزيمتنا اقتصاديا وتخلفنا صناعيا واجتماعيا لذلك علينا أن نعترف بالداء لكي نستسيغ الدواء    

د ناديه المرشدي

ذات صلة: التحدي الحقيقي .. بقلم د/نادية المرشدى

 

اترك تعليق

من فضلك، أدخل تعليقك!
من فضلك، أدخل اسمك