الكلبة أرحم من قلب البشر.. بقلم /طلعت العواد

0
0

كتب

المحرر والناشر الإلكتروني لجريدة صوت الشعب، الصادرة من وعن محافظة دمياط

 الكلبة أرحم من قلب البشر، أثناء انتظارى أمام أحد مراكز الأشعة بدمياط خلف مصنع النسيج لفت نظرى وقوف النسوة المارة دقائق ينظرن إلى كلبة سلب يقظتها النوم مستلقية على قطعة قماش افترشها أحد العمال على الرصيف كى تنام عليها ، وهى ممددة خمسة صغار لها يرضعن دفعة واحدة من حلمات ثديها وهى تحتضنهم بيديها وأرجلها فى استسلام وحنان زائد ، السيدة الأولى التى لمحتها أبصرتها تنظر دقائق فى تأثر شديد إلى الكلبة وكأنها تحدثها وتلمس نبضات قلبها ، كانت هذه السيدة فى اتجاهها إلى شراء الخبز من مخبز مجاور لكن هذا المنظر منع سيرها واستوقفها فى دهشة وهزة نفسية ، ورغم أنى لم أعرفها من قبل ، لكن شدة تأثرها دفعنى لسؤالها عن سر تغير لونها ومزاجها، قالت الكلبة هذه فى حنان منقطع النظير تحضن أولادها وتدافع عنهم بشراسة إذا رأت خطرا عليهم ، ونحن البشر الرحمة انعدمت من قلوبنا ، وتعالى وانظر عندنا إلى رجل ترك أولادة وهجرهم صغارا قطع من اللحم ولم ينظر إليهم منذ سنوات طويلة أو يطعمهم أو يرسل له كسوة تحميهم من البرد ، قلت لها حقا الرحمة إنعدمت من قلوب البشر ونبحث عنها ونتأسى برحمة الكلاب فرحمة الكلاب أرق وألطف من البشر ، وبعد لحظة من إنصراف هذه السيدة رأيت إمرأة فى ريعان شبابها يتعلق فى يديها ثلاثة أطفال، وقفت نفس الوقفة التى فعلتها السيدة الأولى دقائق، ثم ركنت نفسها على حائط والدموع تفتح مجرى على خديها ، قلت فى نفسى يبدو أن وراء هذه السيدة ملحمة عذاب أخرى وقسوة قلب متحجرة ، جلست هذه تستمد الرحمة وتستجديها من النظر إلى رحمة الكلبة بصغارها ، بالتأكيد هذه السيدة تتعطش وروحها تهفو إلى بصيص من الرحمة التى افتقدتها من المجتمع ، بصراحة استحييت أن أسألها عن قصتها ، بالتأكيد سر عذابها رجل بل إنسانية أعمى القلب والبصيرة لا يعرف معنى كلمة ابن ولا يتصف بالرحمة ، قلت فى نفسى والله أن رحمة الكلبة بصغارها تستحق أن تكون مزارا لكل محروم منها ، وبعد برهة نفس الصورة استوقفت شابة تسير بصعوبة يبدوا أن بها إعاقة شديدة يتعلق بيديها طفلين وتحمل طفلا رضيعا ، صوبت بصرها نحن الكلبة النائمة ، وطلى الأسى والحسرة قسمات وجهها ، وغسلت الدموع وجهها حتى ابتلت ثيابها ، اقتربت منها وسألتها هل هجرك زوجك أم انفصلت ؟ قالت لا أنا جدة الأطفال ، قلت ما سر دموعك ، قالت الكلبة هذه ارحم على ولدها من أم الأولاد التى تراهم فى يدى ، لقد غضبت الأم وتركت المنزل بإرادتها منذ عامين ، وتركت هؤلاء الأطفال وقالت بكل جبروت وحيوانية ربوهم أنتم ، حكمت على الأطفال بإعدامهم من لمسة حنان وقبلة حنان وحضن يلتف حولهم كما تفعل هذه الكلبة ، مشت أم الأولاد بقلب ميت كالحجر ولم تفكر لحظة فى رؤية أطفالها ورمت لنا طفلها الرضيع ، أى إنسانة هذه ، إن هذه الكلبة أحن على أولادها من هذه الأم ، لا تستغرب نحن عهدنا القسوة من الرجال لكن هذه المرة القسوة والحرمان تفرضه الأم ، هذه الأم تحرم بإرادتها واختيارها أطفالها من الحنان والرعاية إنه لا أمان لها ولا قلب لها ، دعنى أنظر إلى عطف وحنان هذه الكلبة كى أواسى نفسى فى الحنان الميت لقلب أم مجرم ميت ، والله لو علمت الكلبة بقسوة قلب هذه الأم لنهشت لحمها ونفرت من أكله ، إن عذاب هؤلاء الأطفال فى رقبة رجال الدين التى تبذل مجهودا فى تربيةذ هذه الأم وأمثالها، أبضا أين الحكماء والكبار فى كل قرية وكل مجتمع من الإصلاح الاجتماعى لكل مشكلة تبدو فى كل أسرة وأين دور الشئون الاجتماعية فى النصح والإرشاد ، فالأسرة لبنة فى المجتمع إذا لم تعالج مڜاكلها التى تحرم الأطفال يتفكك المجتمع كله وينهار ويتجة إلى الهاوية ، فالإصلاح الإصلاح يا أهل الصلاح والإصلاح كى يستقيم المجتمع 

طلعت مصطفى العواد: إستراتيجية خذ الكرة وإجرى.. بقلم /طلعت العواد

 

اترك تعليق

من فضلك، أدخل تعليقك!
من فضلك، أدخل اسمك