الاديب يوسف السباعى

يوسف السباعى : 40 عاما مرت على اغتياله فى قبرص

 ولد السباعى فى منطقة الدرب الأحمر بالقاهرة، فى 10 يونيو عام 1917والتحق بالكلية الحربية فى نوفمبر عام 1935، وبدأ منذ منتصف الأربعينيات فى التركيز على الأدب، ليؤكد وجوده كقاص، فقد نشر عددا من المجموعات القصصية، وأعقبها بكتابة عدد من الروايات، كان فى تلك الأثناء يجمع ما بين عالم الأدب والحياة العسكرية، حيث كان له الفضل فى إنشاء سلاح المدرعات، وقد بدأ مسيرته فى العمل العام، بإنشاء نادى القصة، ثم تولى مجلس إدارة ورئاسة تحرير عدد من المجلات والصحف منها “روز اليوسف” و”آخر ساعة” و”دار الهلال” و”الأهرام”، وفى عام 1977 أصبح نقيبًا للصحفيين، كما تولى وزارة الثقافة المصرية. 
يوسف السباعى
كان السباعى ضمن الوفد المسافر مع الرئيس الراحل أنور السادات إلى القدس فى نوفمبر عام 1977، ما جعل العديد من الدول العربية تقطع علاقاتها مع مصر، وبعد حوالى 3 أشهر من تلك الزيارة سافر إلى قبرص برغم كل التحذيرات، وتلقت مصر وقتها نبأ اغتيال السباعى بصدمة بالغة، وثارت الأسئلة عن هوية مرتكبى الجريمة، وشرعت التكهنات تشير إلى نجاح القاتلين فى تنفيذ جريمتهما، خصوصا فى ظل غياب الأمن اللازم لحماية المؤتمر. 
ادعى قاتلا السباعى أنهما قد ارتكبا جريمتهما، لأنه ذهب إلى القدس برفقة الرئيس السادات، ولأنه بحسب رأيهما كانت له مواقف معادية للقضية الفلسطينية، وتناقضت الأنباء، وما لبثت منظمة التحرير الفلسطينية أن نفت علاقاتها بالحادث، وفى 9 مارس عام 1978، بدأت محاكمة قاتلى السباعي، زيد حسين علي، وسمير محمد خضير، أمام المحكمة القبرصية، ورأس الجلسة المدعى العام القبرصي، وحضرها فريق من المراقبين المصريين، ترأسه النائب العام المصرى آنذاك عدلى حسين، وفى 4 من إبريل عام 1978، حكمت المحكمة القبرصية على قاتلى السباعى بعقوبة الإعدام. 
أصدر الرئيس القبرصى سيبروس كابريانو، قرارًا رئاسيًا بتخفيف الحكم على القاتلين
بعد أشهر أصدر الرئيس القبرصى سيبروس كابريانو، قرارًا رئاسيًا بتخفيف الحكم على القاتلين، من الإعدام إلى السجن مدى الحياة، وذلك لأسباب غير معروفة قيل فيما بعد إنها تتعلق بأمن قبرص، التى أعلنت وقتها أنها تلقت تهديدات من منظمات إرهابية عربية، بقيام عمليات على أراضيها إذا لم تطلق سراح المتهمين بقتل السباعي، وترددت بعد ذلك أنباء تفيد، بأن قاتلى السباعى قد رحلا من قبرص دون أن يتما الحكم الصادر بشأنهما. 
بعد وفاة السباعى كتب صبرى زمزم فى الأهرام:”يوسف السباعي.. رئيس تحرير بدرجة شهيد” وأضاف: أما يوسف السباعى الأديب، فأعتبره هو الوحيد الخالد الباقى من بين كل هذه الجوانب المضيئة فى شخصيته متعددة الجوانب، فالأدب هو قمة التاج الذى يكلل هامة هذا الرجل، وكما كان فارسا متصدرا فى المجالات الأخرى، فقد كان فى مجال الأدب الفارس الذى لا يشق له غبار، فإذا سأل سائل عن فلسفة قيام ثورة يوليو 1952 وعن جدواها بالنسبة للشعب المصري، فلنشر عليه بقراءة رواية “رد قلبي” أو مشاهدة الفيلم السينمائى الخالد المأخوذ عنها، ليعرف كيف كانت حال المصريين قبل الثورة، ثم كيف أصبح بعدها. 
أما أولى رواياته فكانت الرواية المثيرة للجدل “نائب عزرائيل” عام 1947، ثم روايته الساخرة الشهيرة “أرض النفاق” التى تحولت إلى فيلم سينمائي، ثم توالت رواياته الرومانسية، وله مسرحيات منها “أقوى من الزمن” وتبلغ مؤلفاته 55 عملا ما بين مجموعات قصصية وروايات ومسرحيات، وتحول عدد كبير منها إلى أفلام سينمائية”.
كان يوسف السباعى مؤمناً بأن للأدب دورا كبيرا للتمهيد للسلام فى مختلف العصور، ولم يكتب من خلال نظرية فنية أو سياسية، ولو أنه خير بين مناصبه التى تولاها وبين الإبداع الأدبي، لاختار الكتابة، كما فعل طوال حياته، حيث فرضت عليه المعارك من جانب مخالفيه، فقال “عبد الرحمن الشرقاوي” إنه بعد هزيمة 5 يونيو 1967، فى أحد اجتماعات اتحاد الكتاب العرب، وقف مندوب أحد الوفود يطلب عزل يوسف السباعي، وعلى الفور أعلن يوسف استقالته، وانسحب إلى حجرته وجاء مندوبو الوفود جميعا فى مقدمتهم ممثل الحزب الشيوعي، وقال:”هذا العضو الذى طالب بعزل يوسف السباعى مفصول من الحزب، وقد سلم وثائق الحزب للمخابرات المركزية الأمريكية” وعاد يوسف وعادت الوفود إلى الاجتماع لتطرد هذا العضو الذى أثار الزوبعة. 
ودخلت ستة أفلام مأخوذة عن أعماله، ضمن أهم مائة فيلم فى تاريخ السينما المصرية منها.. “الناصر صلاح الدين” الذى احتل المرتبة “11” و”رد قلبي” حصل على المركز “13” و”السقا مات” جاء فى المرتبة “21” و”جميلة بوحريد” احتل المركز “45” و”بين الأطلال” حصل على المركز “73” وهناك روايتان هما “أرض النفاق” و”بين الأطلال” أنتج كل منهما مرتان، مرة بالاسم الأصلى والثانية باسم آخر، وهما “أخلاق للبيع” و”اذكريني”، ومن أبرز أعماله التى تحولت إلى أفلام “نحن لا نزرع الشوك، مولد يا دنيا، نادية، غرام الأسياد، بهية، أم رتيبة، شارع الحب” وشارك فى أفلام يوسف السباعى كبار المخرجين فى عصره منهم عز الدين ذوالفقار، وفطين عبدالوهاب، وأحمد بدرخان، وهنرى بركات، وصلاح أبوسيف، وحلمى رفلة، وحسين كمال، ومحمد راضى وكمال الشيخ، وحسام الدين مصطفي، ويوسف شاهين.
 يوسف السباعى وبصمتة فى الأدب :
ترك يوسف السباعى بصمته فى الأدب والسينما، حتى اعتبره بعض النقاد ممثلا لمرحلة الرومانسية فى الأدب العربي، فى حين عده نجيب محفوظ أديبا واقعيا، ولقبه بجبرتى العصر، لأنه سجل بكتاباته الأدبية أحداث الثورة المصرية منذ قيامها حتى بشائر النصر فى أكتوبر 1973 وحصل على عدد من التكريمات والجوائز منها: جائزة الدولة التقديرية فى الآداب، وسام الاستحقاق الإيطالى من طبقة فارس، وفى عام 1970 حصل على جائزة لينين للسلام، ومنح وسام الجمهورية من الطبقة الأولى من مصر، وفى عام 1976 فاز بجائزة وزارة الثقافة والإرشاد القومى عن أحسن قصة لفيلمى “رد قلبي” و”جميلة الجزائرية” وأحسن حوار لفيلم رد قلبى وأحسن سيناريو لفيلم “الليلة الأخيرة”. 

 تنبأ يوسف السباعي بوفاتة

تنبأ يوسف السباعي، بأن موته لن يعرفه الناس بسبب شخصه، لكن بسبب حادثة موته المثيرة للجدل، وقال فى رواية “طائر بين المحيطين” الصادرة عام 1971: “ماذا سيكون تأثير الموت على وعلى الآخرين؟ لا شيء..  ستنشر الصحافة نبأ موتى كخبر مثير، ليس لأنى مت، بل لأن موتى سيقترن بحادثة مثيرة” لكن الأكثر إدهاشا أن هذا الرجل الذى كان ملء السمع والأبصار لسنوات، بدا وكأنه لم يكن كاتبا فى يوم من الأيام، فقد كان الناس يلتفون حوله حين كانت له علاقة بتنظيم الضباط الأحرار وثورة يوليو، وحين تولى حقيبة الثقافة فى زمن السادات.
ومع تحول معظم رواياته إلى أفلام سينمائية، كان اسمه يشق عنان السماء، ومع دوى الرصاصات التى اغتالته فى قبرص، كانت صفحته تطوى تماما من سجل الثقافة، حتى إننا الوحيدون الذين يتذكرون أن يوسف السباعى تم اغتياله منذ أربعين عاما، فى بلاد غريبة.

اترك تعليق

من فضلك، أدخل تعليقك!
من فضلك، أدخل اسمك