زينب بنت خزيمة بن الحارث بن عبد الله بن عمرو

هي زينب المخزومية أم المؤمنين، زينب بنت خزيمة بن الحارث بن عبد الله بن عمرو بن عبد مناف بن هلال بن عامر بن صعصعة، الهلالية.

هذه الأرملة الشابة التي دخلت بيت النبوة أما للمؤمنين بوقت قصير من دخول حفصة بنت عمر، لكنها كانت قصيرة العمر، حيث مرت مرورا عابرا سريعا، فانطفأ شهاب عمرها، وذوى هذا المصباح وقد نضب زيته فجأة وغار ضياؤه، ونفدت ذبالته.

لقد كان قصر مقامها وثوائها ببيت رسول الله صلى الله عليه وسلم سببافي التفات المؤرخين وكتاب السيرة عنها، وسكوتهم عن ترجمتها، حيث أغفلت ذكرها وأشاحت عن أحداث حياتها القصيرة.

لكن الحق يقال: إن نسبها من جهة أبيها ثابت من كل الروايات والمصادر حيث لم يختلف عليه أحد. لكن الاختلاف والاضطراب كان كثيفا كثيرا بالنسبة إلى نسبها من جهة أمها حيث أغفلته جمهرة المصادر.

وقيل إنها كانت أكثر من عداها من أمهات المؤمنين حظا من اختلاف الرواة واضطراب الروايات في حياتها قبل زواجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث إن كل ما ورد بخصوص هذه السيرة كان أكثره من التظني والترجم والتحزير، وليس مقطوعا به على سبيل الجزم واليقين.

فقد اختلفوا فيمن كانت عنده قبل النبي صلى الله عليه وسلم، ولعل الراجح في هذا المضطرب الواسع أنها كانت عند الطفيل بن الحارث بن عبد المطلب ، فخلفه عليها أخوه عبيدة بن أبي الحارث، وقد استشهد رضي الله عنه في بدر، فخلفه عليها النبي صلى الله عليه وسلم.

وقيل: بل كانت عند الطفيل بن الحارث بن عبد مناف، فطلقها فخلفه عليها النبي صلى الله عليه وسلم.

 

كانت  بعيدة الأناة، كريمة الأخلاق، مرضية الطبيعة، فيها من السخاء والجود والعطف على الفقراء البائسين والمحتاجين ما لم يخف فضله على أحد.

أم المساكين

لذلك لم يكن بدعا أن تسمى «أم المساكين» حيث إنها كانت كثيرة الرفق بهم والحدب عليهم، والإشفاق والحب لهم جميعا، وكانت كثيرة الإطعام للمساكين.

هذه النعوت الطيبة والخلال المحمودة، والخصال الممدوحة ذكرها الطبري في تاريخه المشهور، وابن حجر في الإصابة، وابن عبد البر في الاستيعاب.

وكما اختلف في تاريخ حوادث حياتها ابتداء من نسبها لأمها وغيره كذلك كان الاختلاف في وفاتها، حيث قيل فيها الكثير ولعل الراجح أنها ماتت- رضي الله عنها وأرضاها- في الثلاثين من عمرها، كما هو المنقول والمأثور عن ابن حجر في الإصابة وعن الواقدي.

لقد مرت هذه الشعلة المضيئة سريعا، وانطفأ شهابها الثاقب، وألوت وجهها عن الدنيا، وأشاحت عنها في لمحة خاطفة، فكان عمرها قصيرا كعمر الزهور وكما عاشت رقيقة الطبيعة، مرهفة الشعور، ذهبت كذلك.

لم تدركها حيرة، ولا نالت منها غيرة، فكانت زاهدة إلا في حظها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أسلمت الروح إلى بارئها راضية مرضية في هدوء وصمت فصلى عليها النبي صلى الله عليه وسلم ودفنها بالبقيع فكانت أولى من دفن فيه من أمهات المؤمنين بعد خديجة المدفونة بالحجون في مكة وسلام عليهن جميعا في الخالدين.

اترك تعليق

من فضلك، أدخل تعليقك!
من فضلك، أدخل اسمك