أم المؤمنين

أم المؤمنين ” خديجة بنت خويلد”

أم المؤمنين خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي، وأمها: فاطمة بنت زائدة بن الأصم، كانت تدعى بالجاهلية الطاهرة.

تزوجها صلى الله عليه وسلم وهي أم أولاده كلهم إلا ابراهيم، وكانت خديجة رضي الله عنها قبل [رسول الله صلى الله عليه وسلم] عند أبي هالة بن زرارة بن نباش التميمي، ثم خلف عليها عتيق بن عابد بن عمرو بن مخزوم.

وكانت خديجة رضي الله عنها أول الخلق على الإطلاق إسلاماً بعد البعثة، وذكر في “الجامع الصغير” عنه صلى الله تعالى عليه وسلم، أنه قال: “أجرت نفسي من خديجة سفرتين بقلوصتين”، وقيل: إن أبا طالب قال لخديجة: هل لك أن تستأجري محمداً، وقد استأجرت فلاناً ببكرتين ولسنا نرضى لمحمد دون أربع بكرات؟ فقالت”: لو سألت لبعيد بغيض فكيف وقد سألت لحبيب قريب.

فرضيت خديجة واستأجرته صلى الله عليه وسلم وأرسلته مع عبدها ميسرة إلى سوق حباشة، وهو بأرض اليمن على ست ليال من مكة، فابتاع منه بزاً، ورجعا فربحا ربحاً حسناً، وأرسلته في الثانية إلى إسلام مع مسيرة، فابتاعا وربحا وعادا.

فقال مسيرة للنبي صلى الله عليه وسلم: هل لك أن تسبقني إلى خديجة فتخبرها بالذي جرى فلعلها تزيدك بكرة إلى بكراتك، فركب صلى الله عليه وسلم وتقدم ودخل معه في الظهيرة، وخديجة في غرفتها مع نساء، فرأته حين دخل وملكان يظلانه، فأرته نساءها فعجبت من ذلك، فأخبرها بما ربحوا فسرت.

وقالت: عجل إلى ميسرة ليعجل وصعدت إلى الغرفة فرأته، صلى الله عليه وسلم على الحالة الأولى، فلما دخل ميسرة أخبرته خديجة بما رأت، فقال لها ميسرة: قد رأيت هذا منذ خرجنا من الشام، وأخبرها بقول نسطور لما رآه نزل تحت [شجرة مخصوصة] فقال: هذا آخر الأنبياء.

وقال النيسابوري: لما رأى الراهب الغمامة تظله دنا إلى النبي وقبل رأسه وقدمه، وقال: آمنت بك، فلما سمعت خديجة ذلك حدثت ابن عمها ورقة بن نوفل بذلك، فقال لها: إن كان حقاً ما ذكرت فمحمد نبي هذه الأمة المنتظر.

كانت خديجة ، من أوسط نساء قريش نسباً، وأعظمهن شرفاً وأكثرهن مالاً وأحسنهن جمالاً، فخطبوها فأبت، وأرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم دسيسة امرأة تقول: ما يمنعك أن تتزوج؟ فقال: ما بيدي ما أتزوج به. قالت: فإن كفيت ذلك، ودعيت إلى المال والجمال والشرف ألا تجيب؟ قال: ومن هي؟ قالت: خديجة.

قال: ومن لي بذلك؟ فقالت: المرأة: بلى، أنا أفعل، فذهبت فأخبرتها، وذكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم لأعمامه، فخرج معه حمزة رضي الله عنه حتى دخل على أبيها فخطبها فأجاب. وأصدقها عشرين بكرة، وحضر أبو بكر رضي الله عنه ورؤساء مضر، فخطب أبو طالب فقال: الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل، وضئضئ معد، وعنصر مضر، وجعلنا حضنة بيته، وسواس حرمه، وجعل لنا بيتاً محجوجاً، وحرماً آمناً، وجعلنا الحكام على الناس.

ثم عن ابن أخي هذا محمد بن عبد الله لا يوزن به رجل إلا رجح به، فإن كان في المال قل، فإن المال ظل زائل، وأمر حائل، ومحمد من قد عرفتم قرابته، وقد خطب خديجة بنت خويلد، وبذل لها من الصداق ما عاجله وآجله من مالي كذا، وهو والله بعد هذا له بناء عظيم، وخطر جليل.

وكان تزوجه بها، صلى الله عليه وسلم في صفر، بعد رجوعه بشهرين وخمسة وعشرين عاماً.
ولما بعث صلى الله عليه وسلم جاءه جبرائيل بقوله تعالى: (اقرأ باسم ربك الذي خلق) قيل: أتاه جبرائيل ليلة السبت وليلة الأحد ثم ظهر له برسالة يوم الاثنين لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان فجاءه جبرائيل في حراء، وإليه أشار الصرصري بقوله:

وأنتَ عليهِ أربعونَ فأشرقتْ … شمسُ الرِّسالةِ منهُ في رمضانِ
وذكر في كتاب “التبيين”: أنه صلى الله عليه وسلم أخبر خديجة فقالت: أبشر يا محمد، وقيل: يا ابن عم فإني أرجو أن تكون نبي هذه الأمة، ثم انطلقت إلى ورقة بن نوفل فأخبرته بما رأى وما سمع، فقال: قدوس قدوس، والذي نفسي بيده لئن صدقت ياخديجة لقد جاءه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى، وإنه لنبي هذه الأمة، فقولي له: فليثبت.

لا يخزيك الله أبداً

فأخبرته بما أخبرها ورقة فسري عنه صلى الله عليه وسلم بعض ما هو فيه من الهم، ثم لقيه بالطوق، فاستخبره فأخبره، فقال: والذي نفسي بيده إنك لنبي هذه الأمة، ولقد جاءك الناموس الأكبر الذي جاء لموسى، ولئن أدركت ذلك لأنصرن الله نصراً تعلمه، ثم أدنى رأسه فقبل يأفوخه فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل في رواية: إن خديجة رضي الله عنها قالت: أبشر يا رسول الله، فوالله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق.

ونزل صلى الله عليه وسلم في حفرتها. وزعم ابن إسحاق أنها توفيت بعد الإسراء بعد أن صلت الفريضة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفنت بالحجون، ولم تكن صلاة الجنازة. وبعد ستة أشهر مات أبو طالب.

وقيل: إن خديجة رضي الله عنها، توفيت بعد أبي طالب بثلاثة أيام، وقيل: بخمسة، وقيل: قبل أبي طالب بخمسة وثلاثين يوماً.

قال صلى الله عليه وسلم: “خير النساء العالمين أربع: مريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد”.

وعن عائشة، رضي الله عنها، قالت: كان لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن عليها، فذكرها يوماً من الأيام فأدركتني الغيرة، فقلت: هل كانت إلا عجوزاً، فقد بدلك الله خيراً منها، فغضب حتى اهتز مقدم شعره من الغضب ثم قال: “لا والله ما أبدلاني خيراً منها، آمنت بي إذ كفر بي الناس وصدقتني إذ كذبوني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله منها أولاداً .

 وكان صلى الله عليه وسلم يكرم صويحباتها بعدها، فيقول: “هذه كانت تأتينا أيام خديجة، وهذه كانت من صواحبها”. وروي أن جبرائيل عليه السلام قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أقرئ خديجة عن الله وعني السلام. قال الجاحظ بن حجر: أفضل أمهات المؤمنين: خديجة بنت خويلد، وعائشة الصديقة، وقال صلى الله عليه وسلم: “كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا: مريم وآسية وخديجة، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام”. 

“أفضل نساء الجنة: خديجة وفاطمة ومريم وآسية”.

 عن أبي هريرة رضي الله عنه: “خير نساء العالمين أربع: “مريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم، امرأة فرعون، وخديجة وفاطمة”. وصح من حديث ابن عباس: “أفضل نساء الجنة: خديجة وفاطمة ومريم وآسية”.

وتوفيت خديجة رضي الله عنها بعدما أقامت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعاً وعشرين سنة ولم يتزوج حتى توفيت، وكانت وفاتها في رمضان، وهي بقنت خمس وستين سنة، ودفنت بالحجون.

اترك تعليق

من فضلك، أدخل تعليقك!
من فضلك، أدخل اسمك