حكم زواج اليوم الواحد

حكم الزواج ليوم واحد

ورد إلى لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية سؤال من سائله تقول: “تم طلاقي طلاقًا بائنًا بينونة كبري، وقمت بالاتفاق مع أحد الأشخاص على أن يعقد عليَّ لمدة يوم، ويطلقني حتى أعود للزوج الأول، وتم تنفيذ ما اتفقنا، وبالفعل عقد عليَّ وطلقني، ولـم يدخل بي، ولـم يحدث بيننا خلـوة شرعيـة، ثـم طلقنـي وعدت بعدهـا إلـى زوجـي الأول الـذي طلقنـي ثلاث طلقـات بعقـد جديد.

فهل هـذا العقد كان صحيحًا؟ وهل كان رجوعي إلـى الزوج الأول صحيحًـا أيضًا؟”.

وأفادت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية ردًا على هذا السؤال، بأنه إذا طلق الزوج زوجته ثلاث تطليقات، فقد بانت منه بينونة كبرى؛ فلا يملك مراجعتها لا في عدتها ولا بعد انتهائها؛ إلا إذا انقضت عدتها، فتزوجت زوجًا آخر، ودخل بها، ثم طلقها، ثم انتهت عدتها منه، فيحل للزوج الأول نكاحها بعقد ومهر جديدين، وتعود إليه بثلاث طلقات جديدة ؛ لقوله – تعالى- : {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229]، ثم قال سبحانه: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }. [البقرة: 230].

الشروط الواجب توافرها في النكاح الذي يحصل به التحليل للزوج الأول :

وبينت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية، الشروط الواجب توافرها في النكاح الذي يحصل به التحليل للزوج الأول وهي ما يلي:

الشرط الأول: أن يكون نكاحًا صحيحًا مستوفياً أركان انعقاد عقد الزواج وشروط صحته، فلو كان العقد فاسدًا – كالنكاح دون شهود أو نكاح المتعة – لم يحصل به التحليل وإن دخل بها؛ لأن النكاح الفاسد ليس بنكاح حقيقة، ومطلق النكاح ينصرف إلى ما هو نكاح حقيقة على الراجح من أقوال الفقهاء.

الشرط الثاني: أن يدخل بها الزوج الثاني دخولا حقيقيًا: فلا يكفي مجرد العقد الصحيح دون الدخول؛ لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها، قالت: جَاءَتْ امْرَأَةُ رِفاعَةَ القُرَظِيِّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ، فَطَلَّقَنِي، فَأَبَتَّ طَلاَقِي، فَتَزَوَّجْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ إِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ، فَقَالَ: «أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟ لاَ، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ». متفق عليه.

الشرط الثالث: أن يكون النكاح الثاني بنية استدامة العشرة بينهما، وخاليًا من التأقيت والتحليل؛ لأن الأصل في عقد الزواج في الشريعة الديمومة والاستمرار، ويظهر هذا واضحاً من خلال تحريم الإسلام لكل زواج مؤقت ـ قال الإمام النووي – رحمه الله – : [النكاح المؤقت باطل، سواء قيد بمدة مجهولة أو معلومة، وهو نكاح المتعة] روضة الطالبين 2/ 42.

وأضافت لجنة الفتوى بالمجمع، وبناء على ما سبق فهذا الزواج باطل لا يحل؛ لأنه كان بنية التحليل، ولم يحدث فيه دخول، وقد قال صلى الله عليه وسلم :{ألا أخبركم بالتيس المستعار”؟ قالوا: بلى يا رسول اللَّه، قال “هو المحلل، لعن اللَّه المحلل والمحلل له} رواه ابن ماجة والحاكم، وكما أنه اشتمل على التأقيت الذي يبطله قال الإمام الخرقي – رحمه الله – : {ولو تزوجها على أن يطلقها في وقت بعينه، لم ينعقد النكاح] المغني 7/ 180.

وبالتالي لا تحل السائلة بهذا الزواج لزوجها الأول؛ لأن ما بني على باطل فهو باطل.. هذا إذا كان الحال كما ورد في السؤال.

والله سبحانه وتعالى أعلى وأعلم

اترك تعليق

من فضلك، أدخل تعليقك!
من فضلك، أدخل اسمك