زكاة الفطر

0
140

مفهوم زكاة الفطر
الزكاة لغة: النماء، والزيادة، والطهارة، والبركة، يقال: زكى الزرع: إذا نما وزاد .

الفطر: اسم مصدر، من قولك: أفطر الصائم، يفطر إفطاراً؛ لأن المصدر منه: الإفطار، وهذه يراد بها الصدقة عن البدن، والنفس، وإضافة الزكاة إلى الفطر، من إضافة الشيء إلى سببه؛ لأن الفطر من رمضان سبب وجوبها، فأضيفت إليه؛ لوجوبها به، فيقال: ((زكاة الفطر)).

وقيل لها: فطرةٌ؛ لأن الفطرة: الخلقة، قال الله تعالى: {فِطْرَةَ الله الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} . أي جبلته التي جبل الناس عليها، وهذه يراد بها الصدقة عن: البدن، والنفس، كما كانت الأولى صدقة عن المال ، ويقال: ((زكاة الفطر، وصدقة الفطر، ويقال للمُخْرَج: فطرة, وهي اصطلاحية للفقهاء، كأنها من الفطرة التي هي الخلقة: أي زكاة الخلقة)).

زكاة الفطر في الاصطلاح: هي الصدقة تجب بالفطر من رمضان.
طهرة للصائم: من اللغو، والرفث.
وقيل: إنفاق مقدار معلوم، عن كل فرد مسلم يُعيله، قبل صلاة عيد الفطر، في مصارف مخصوصة.
وقيل: صدقة واجبة بالفطر من رمضان، وتسمى فرضاً، ومصرفها كزكاةٍ.
والحدُّ الذي يشمل التعريفات المتقدمة كلها، وهو: أن يقال: زكاة الفطر: صدقة معلومة بمقدار معلوم، من شخص مخصوص، بشروط مخصوصة، عن طائفة مخصوصة، لطائفة مخصوصة، تجب بالفطر من رمضان، طهرة للصائم: من اللغو، والرفث، وطعمة للمساكين، والله تعالى أعلم.

ثانياً: الأصل في وجوب زكاة الفطر: عموم الكتاب وصريح السنة والإجماع:
أما عموم الكتاب، فقيل: قول الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى* وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} . وعموم قول الله تعالى: {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} 

وأما السنة؛ فلأحاديث كثيرة، ومنها حديث عبدالله ابن عمر رضي الله عنهما، وفيه: ((فرض رسول الله – صلى الله عليه وسلم – زكاة الفطر من رمضان على كل نفس من المسلمين … )) .
وأما الإجماع، فأجمع أهل العلم: أن صدقة الفطر فرض، قال الإمام ابن المنذر رحمه الله: ((وأجمعوا على أن صدقة الفطر فرض، وأجمعوا على أن صدقة الفطر تجب على المرء، إذا أمكنه أداؤها عن نفسه، وأولاده الأطفال، الذين لا أموال لهم، وأجمعوا على أن على المرء أداء زكاة الفطر عن مملوكه الحاضر)) .
ثالثاً: شروط وجوب زكاة الفطر ثلاثة شروط:
الشرط الأول: الإسلام، فتجب على كل مسلم: حرٍّ أو عبدٍ، أو رجل أو امرأة، صغيرٍ أو كبيرٍ؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما، وفيه: ((فرض رسول الله – صلى الله عليه وسلم – زكاة الفطر من رمضان، على كل نفس من المسلمين: حرٍّ أو عبدٍ، أو رجلٍ أو امرأةٍ، صغيرٍ أو كبيرٍ)) . قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: ((وجملته أن زكاة الفطر تجب على كل مسلم، مع الصغر والكبر،
والذكورية والأنوثية, في قول أهل العلم عامة، وتجب على اليتيم, ويخرج عنه وليه من ماله، وعلى الرقيق)) .

الشرط الثاني: الغنى، وهو أن يكون عنده يوم العيد وليلته صاع، زائد عن قوته وقوت عياله، وحوائجه الأصلية .
الشرط الثالث: دخول وقت الوجوب، وهو غروب الشمس من ليلة الفطر؛ لقول ابن عمر رضي الله عنهما: ((فرض رسول الله – صلى الله عليه وسلم – زكاة الفطر من رمضان))  وذلك يكون بغروب الشمس، من آخر يوم من أيام شهر رمضان، فمن أسلم أو تزوج، أو وُلِدَ له ولد، أو مات قبل الغروب لم تلزمه فطرتهم، وإن غربت وهم عنده ثم ماتوا فعليه فطرتهم؛ لأنها تجب في الذمة، فلم تسقط بالموت ككفارة الظهار .
مقدار زكاة الفطر وأنواعها:
هو صاع من قوت البلد الذي يأكله الناس، وقد ثبت في حديث ابن عمر رضي الله عنهما الذي ذكرته آنفاً أنه قال: ((فرض رسول الله – صلى الله عليه وسلم – زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير … )). وعن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – أنه كان يقول: ((كنا نخرج زكاة الفطر: صاعاً من طعام، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من أقط، أو صاعاً من زبيب)). وفي لفظ للبخاري: ((كنا نعطيها في زمان النبي – صلى الله عليه وسلم – … )). وفي لفظ لمسلم: ((كنا نخرج إذ كان فينا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – زكاة الفطر: عن كل صغير، وكبير، حرٍّ أو مملوك: صاعاً من طعام، أو صاعاً من أقط، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من زبيب، فلم نزل نخرجه حتى قدم علينا معاوية بن أبي سفيان حاجًّا أو معتمراً, فكلم الناس على المنبر فكان فيما كلم به الناس أن قال: إني أرى مدين من سمراء الشام تعدل صاعاً من تمر، فأخذ الناس بذلك، قال أبو سعيد: فأما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه أبداً ما عشت)) .

وفي لفظ ابن ماجه قال أبو سعيد: ((لا أزال أخرجه كما كنت أخرجه على عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أبداً ما عشت)) . وفي حديث أبي سعيد زيادات لم أذكرها؛ لأن فيها نظراً .

أما رأي معاوية – رضي الله عنه – في أن البر يعدل المد منه
المدين من غيره فيجزئ نصف صاع، فقال عنه الحافظ ابن حجر رحمه الله: ((حديث أبي سعيد دال على أنه لم يُوافق على ذلك، وكذلك ابن عمر، فلا إجماع في المسألة خلافاً للطحاوي، وكأن الأشياء التي ثبت ذكرها في حديث أبي سعيد لما كانت متساوية في مقدار ما يخرج منها مع ما يخالفها في القيمة دل على أن المراد إخراج هذا المقدار من أي جنس كان، ولا فرق بين الحنطة وغيرها، وهذه حجة الشافعي ومن تبعه. وأما من جعله نصف صاع منها بدل صاع من شعير فقد فعل ذلك بالاجتهاد)).

اترك تعليق

من فضلك، أدخل تعليقك!
من فضلك، أدخل اسمك