عقــــلاء زمن الكــورونـــا

كتب خالد رزق

العقل كما جاء في المعجم الوجيز هو المنع ، ولقد جعل الله العقل مناط التكليف فإذا فقد العقل فقد التكليف ، وقال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ” الناس ثلاثة : عالم رباني ومتعلم على سبيل نجاة وهمج رعاع… أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجأوا لركن وثيق ” العالم الرباني هو الذي وصل إلى غاية العلم وهي خشية الله قال تعالى ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) ، أما الثاني فهو الذي يتعلم لينجو بنفسه من الفقر أو الجهل أو مما لا يليق به ، أما الأخير فهم الذين إذا اجتمعوا ضروا وإذا ما تفرقوا نفعوا … أعاذنا الله وإياكم من هؤلاء .

و قال أحد العلماء بأن عقول الناس ثلاثة : عقول عظيمة  تتكلم عن الله العظيم سبحانه وتعالى  وعقول متوسطة تتكلم عن الأحداث العامة وعقول صغيرة تتكلم عن الناس  و أزيد من الشعر بيتا عقول ضعيفة وهي عقول الناس الذين ليس لهم رأي وهم الذين قال فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم ” لا يكن أحدكم إمعة يقول إذا أحسن الناس أحسنت وإذا أسائوا أسأت ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أسائوا ألا تظلموا ” أخرجه الترمذي في جامعه من حديث حذيفة رضي الله عنه وإسناده ضعيف . والإمع هو الذي لا رأي له يقول لكل أحد أنا معك والمعنى أن هذا الشخص ليست له شخصية مستقلة ،  فما قولك أنت عزيزي القارئ ؟  

ولذلك فأصحاب العقول السليمة وصفهم الله في القرآن الكريم بوصف رائع جدا الذي وصف الله به المؤمنين قوله تعالى (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ {آل عمران/190} الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)  {آل عمران/191}

والألباب هو جمع لب وهو العقل وأولوا الألباب هم أصحاب العقول وذلك لأن الأصل في الإنسان هو العقل الذي هو لبه والعقل السليم هو الذي يمنع  صاحبه عما لا يليق عالما بما يسعده وينفعه في الدنيا والآخرة 

ولهذا فالمؤمنون حقا هم أصحاب العقول السليمة وأما غيرهم فقد قال الله تعالى في وصفهم  )إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ *وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ ) {الأنفال22/23} .

وقال تعالى في وصف يهود  (لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ )  الحشر (14)  

 وقال تعالى (وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ ) المائدة (58)

والكفار قد وصفهم القرآن بأنهم لا يعقلون مع أن فيهم عباقرة مبتكرون والسبب في ذلك أن عقولهم معاندة للحق بعد أن عرفوه ، والعقل المعاند كالعقل العدمي قال تعالى (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) {البقرة/164} 

بل هم أنفسهم يعترفون بذلك يوم القيامة  (وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لأَصْحَابِ السَّعِيرِ (11)  الملك   

ورسالتي للجميع : أن كل إنسان يتصرف تصرفا سيئا ليس بعاقل ،  لذلك علينا أن نجعل التعقل هو                الدستور في كل زمان ومكان وليس كما رأينا في فترة الكورونا  من استغلال واحتكار وغلاء مبالغ فيه   وأن نتعلم من الأزمات أن نتقرب من الله وألا يظلم أحدنا الآخر وأن نتعقل في إصدار الأحكام وأن نحسن علاقتنا ببعضنا البعض وخلاصة القول في قوله تعالى) كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمْ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمْ الْفَاسِقُونَ  آل عمران (110)   مع تحياتي خالد رزق  

اترك تعليق

من فضلك، أدخل تعليقك!
من فضلك، أدخل اسمك