الهدية والرشوة 

الرشوة الوصلة إلى الحاجة بالمصانعة، وأصله من الرشاء الذي يتوصل به إلى الماء؛ فالراشي الذي يعطي من يعينه على الباطل، والمرتشي الآخذ، والرائش الذي يسعى بينهما يستزيد لهذا ويستنقص لهذا.

إن الهدية مشروعة ومرغب فيها، ولها أثر ضد أثر الرشوة؛ لأنها تؤلف القلوب وتورث المحبة، كما قال صلى الله عليه وسلم: “تهادوا تحابوا” وبين أن الهدية تزيل أضغان النفوس.

تعريف الرشوة اصطلاحا :
1- ما يؤخذ بغير عوض ويعاب أخذه.
2- وقيل: كل مال دفع ليبتاع به من ذي جاه عونا على مالا يحل.
3 – وقال صاحب الإنصاف: الرشوة ما يعطى بعد طلبه، والهدية ما يدفع إليه ابتداء .

و الرشوة على العكس تورث القطيعة وتوقع العداوة، والهدية يدفع المهدي بطيب نفس تقديرا للمهديى إ ليه أو تطييبا لخاطره أو تأليفا له، وكلها مقاصد حسنة وعن طواعية، ولذا فهو لا يخفيها كما يخفي الراشي رشوته والمهدى إليه قد يكافأ عليها إن عاجلا أم آجلا.

بينما الرشوة يدفعها الراشي مكرها ويأخذها المرتشي متسترا، وقد جاء الحديث: “لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس”، وهو موافق للهدية معاكس للرشوة، وكما في قوله تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً} أي لطيب النفس به.

التحذير الشديد من تسمية الرشوة باسم الهدية:
وهنا يلزم التحذير الشديد من تسمية الرشوة باسم الهدية؛ لأن من أكلها عالما بها أنها رشوة مستحلا إياها فإنه يخشى عليه ران القلب ؛ لأنه يدخل في عموم من استحل ما علم تحريمه بالضرورة.

والسؤال هو: متى يكون العطاء هدية ومتى يكون رشوة؟
والجواب أولا وقبل كل شيء أن الأمور بالمقاصد، بناء على حديث: “إنما الأعمال بالنيات”، وحديث: “البر ما اطمأنت إليه النفس، والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس”.
حديث وابصة بن معبد رضي الله عنه قال جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: “أتيت تسأل عن البر والإثم؟ ” قلت نعم، قال: “استفت قلبك! البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك”.
هذا بحمد الله مقياس واضح في نفس كل مسلم.

 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لعنة الله على الراشي والمرتشي”.

اترك تعليق

من فضلك، أدخل تعليقك!
من فضلك، أدخل اسمك