صرخة مواطن
الدكتور حافظ موسى

 

هل نحن سعداء ؟

 

جميعنا يبحث عن السعادة الحقيقية، لكننا حتما نختلف في نظرتنا للأشياء التي تمنحنا هذا الشعور الجميل القادر على مناجاة أرواحنا بلغته الخاصة التي لا تشبه أي لغة أخرى، لغة من نوع آخر تعنى فقط بإحياء الأمل في دواخلنا المتهالكة محاولة استرجاع أحلام طواها الألم والحزن لتدخل ضمن قائمة النسيان.

 كل ذلك لأنهم لم يستطيعوا أن يكونوا سعداء بالمعنى الحقيقي للكلمة لأسباب كثيرة قد لا نفهمها كلها لكن قدرتنا على الحلم تجبرنا على الاستمتاع بالأشياء البسيطة التي تحفزنا على استخراج مشاعر السعادة من أعماقنا، رافضين أن نتخذ من الظروف حجة لتبرير نظرتنا المتشائمة تجاه الحياة لأن الظروف مهما كانت صعبة وقاسية لا بد أن يأتي يوم وتزول، حينها سنشعر أن هناك فرصا كثيرة للسعادة أضعناها لمجرد أننا نسعد بتعذيب أنفسنا واضطهادها.

نحن بحاجة إلى أن نقف على أدق التفاصيل في حياتنا لنتمكن من الوصول إلى السعادة الحقيقية كونها مطلبنا جميعا، لكننا رغم ذلك نختلف كثيرا في رؤيتنا للمقاييس التي تتغير من شخص لآخر فما نراه نحن مصدرا مهما للسعادة والفرح قد يراه الآخرون مصدرا للشقاء والحزن والألم.

 لذا لا بد لنا من أن نقتنع بأن ما يسعد غيرنا ليس بالضرورة أن يسعدنا، فلكل شخص منا احتياجات معينة من السعادة تشبه إلى حد كبير طبيعته وتوجهه الفكري محاولا تلخيص كل ما يريده من هذا الإحساس المتناقض بقائمة تحتوي على الجوانب المادية والجوانب المعنوية، وخاصة تلك الأشياء التي تمتاز ببساطة جوهرها وبقدرتها على خلق حالة استثنائية من الفرح.

 فنحن أحيانا نسعد بابتسامة طفل كان لنا الفضل في رسمها على ملامحه البريئة أو بسماع دعوة صادقة نابعة من قلوب محبة تتمنى لنا كل الخير.

لحظات جميلة من السعادة تتسلل إلى دواخلنا بين الحين والآخر كتلك اللحظات التي تجمعنا بأشخاص نحبهم لم يكن لهم حق الاختيار لأنهم مجبرون على الابتعاد لسبب أو لآخر لذلك وحتى لو كانت سعادتنا بهم مؤقتة إلا أن أرواحنا تترقب بشوق ولهفة قدومهم حتى عندما يغادرونا أيضا نبقى على أمل اللقاء مرة أخرى، أمل يتجدد باستمرار كلما ذكرناهم.

شعورنا بالسعادة أمر مشترك بيننا جميعا، لكننا أحيانا نفقد استمتاعنا به فقط لأننا سمحنا للأفكار السلبية أن تشوش عقولنا بألم الماضي وذكرياته المرة أو بالقلق على المستقبل والخوف من مفاجآته التي تعتبر بالنسبة لنا مجهولا يقض مضاجعنا ويحرمنا التمتع بحاضرنا كما هو، لذلك نجد بعض الأشخاص يجهلون معنى السعادة الحقيقية رغم أنهم قادرون على صنعها بأيديهم، إلا أن إحساسهم بالضياع في أغلب الأحيان يبقي هذا الشعور الرقيق اللطيف حلما يؤرقهم ويمنعهم من استحضاره في أصغر التفاصيل وأبسطها.

 

اترك تعليق

من فضلك، أدخل تعليقك!
من فضلك، أدخل اسمك