الأندلس  (إسبانيا والبرتغال اليوم)

 الأندلس هو الاسم الذى يطلق على ما كان بأيدى المسلمين من شبه جزيرة إيبريا (إسبانيا والبرتغال اليوم)، الواقعة فى أقصى الجنوب الغربى من القارة الأوروبية. واسم “الأندلس” تعريب للفظ الوندال Vandalos إحدى القبائل القوطية التى حكمت البلاد منذ أوائل القرن الخامس الميلادى.

وقد فتح المسلمون هذه البلاد بقيادة طارق بن زياد وموسى بن نصير سنة 92هـ-711م فى عهد الخليفة الأموى الوليد بن عبد الملك.
وينقسم تاريخ الأندلس إلى سبعة مراحل:

1- فترة الولاة التابعبن للخلافة الأموية 92-138هـ 711-756م:

تعاقب على حكم الأندلس فيها نحو عشرين واليا ، وتم خلالها انتشار- الإسلام وتعريب البلاد، رغم نشوب حروب أهلية ترتب عليها انسحاب المسلمين الذين استوطنوا شمال البلاد وبدء حركة المقاومة المسيحية هناك.

2- فترة الإمارة المستقلة 138-316هـ 756-929م:

بدأت بقدوم عبد الرحمن بن معاوية الداخل وتجديد الدولة الأموية بعد انهيارها فى المشرق بأيدى العباسيين. فاستقل عبد الرحمن (صقر قريش) بالأندلس وأورث الإمارة نسله بعده. ومن أعظم أمراء هذه الفترة عبد الرحمن بن الحكم الأوسط 206-238هـ 822-852م الذى إليه الفضل فى توطيد الحكم الإسلامى وفى عدد من المنجزات الحضارية و العمرانية والثقافية.

3- عصر الخلافة (316-422/929-1031):
فى سنة 300هـ 912م ولى حكم الأندلس عبد الرحمن بن محمود، وكان الضعف قد دبّ فى دولة سلفه وجده الأمير عبد الله بسبب الثورات الداخلية، فتمكن عبد الرحمن من إعادة السلام والوحدة إلى البلاد ، وما زال ينهض بالأندلس حتى أصبحت على جانب كبير من القوة والرخاء، وحينئذ أعلن نفسه خليفة وأميرا للمؤمنين ، واتخذ لقب “الناصر لدين الله” متحديا بذلك الخلافتين العباسية والفاطمية، ويعد عصر الخلافة الذى امتد حتي نهاية القرن الرابع الهجرى أزهى عصورالحضارة الأندلسية فى جميع الميادين. وخلف الناصر ابنه الحكم المستنصر الذى اهتم بالثقافة والعلوم ، وبعده الحاجب المنصور بن أبى عامر الذى فرض هيمنته على كل شبه الجزيرة.

4- فترة ملوك الطوائف 422-484هـ 1031-1091م:
فى سنة 399هـ 1008م اندلعت الفتنة أى الحرب الأهلية بين الفئات المتنازعة على السلطة لمدة ربع قرن ، أعلن بعدها إلغاء الخلافة وقيام ما يعرف بدول الطوائف ، إذ استقل حكام الولايات بأعمالهم ، ونشبت بينهم حروب انتهت بإضعاف دولة الاسلام ،حتى تمكن ألفونسو السادس ملك قشتالة (أقوى ممالك إسبانيا المسيحية) من الاستيلاء على طليطلة 478هـ 1085م ، وإزاء عجز ملوك الطوائف وتواكلهم استنجد الشعب الأندلسى بأمير المرابطين يوسف بن تاشفين الذى كان قد أنشأ فى المغرب دوله إسلامية قوية، فدخل الأندلس وهزم الملك ألفونسو فى معركة الزَّلاَّقة 479هـ/1086م ، وبعد ذلك بخمس سنوات قام بخلع ملوك الطوائف وضم الأندلس إلى ملكه.

5- دولة المرابطين 484-541هـ 1091-1147 م:
حكم المرابطون الأندلس وجاهدوا فى الحفاظ على ما بقى بأيدى المسلمين من البلاد، ولكن جهودهم لم تحل دون سقوط “الثغر الأعلى” (سرقطة وما حولها) فى يد ألفونسو الأول ملك أرغون (وهى مملكة مسيحية أخرى) فى 512هـ 1118م. ونشبت فى أواخر عهدهم ثورات فى الأندلس ، وفى المغرب واجهوا ثورة أخرى أخطر قام بها محمد بن تومرت المهدى زعيم دولة الموحدين وخلفه عبد المؤمن بن على وبمصرع تاشفين ابن على انهارت دولة المرابطين.

6- دولة الموحدين 541-645هـ 1147-1247م:
ورث الموحدون عبد المؤمن وخلفاؤه دولة المرابطين بالمغرب والأندلس وظل ملكهم قويا متماسكا فى ظل الخلفاء الثلاثة الأوائل ،وأحرزوا على نصارى الشمال نصرا كبيرا فى موقعة الأرك 591هـ 1195م ، ولكن الهزيمة حاقت بهم بعد ذلك فى معركة العقاب (609هـ 1313م) التى تهاوت بعدها الحواضر الأندلسية واحدة بعد أخرى فى الشرق والوسط والغرب.

7- دوله بنى الأحمر 645-897هـ 1247-1492م:
لم يبق بأيدي المسلمين منذ منتصف القرن السابع الهجرى إلا مملكة غرناطة الصغيرة التى تبلغ مساحتها نحو عشر شبه الجزيرة، ومع ذلك فقد استطاع ملوكها من بنى الأحمر الحفاظ على دولتهم نحو قرنين ونصف قرن ، ولكن النزاعات الداخلية بين آخر ملوكهم والحملات النصرانية ضدهم وتقاعس البلاد الاسلامية المجاورة عن نجدتهم؛ كل ذلك أدى إلى انهيار دولتهم ، فسقطت غرناطة فى أيدى الملكين الكاثوليكيين 897هـ 1492م.

وأصبح مسلمو الأندلس الذين دُعوا “بالموريسكيِّين” خاضعين للسلطة المسيحية التى تعقبتهم بكل ضروب الاضطهاد حتى انتهى الأمر بطرد مئات الآلاف منهم إلى خارج إسبانيا بين 1018-1023هـ 1609-1614م.
وعلى الرغم من ضعف الدولة الأندلسية المتزايد فإن الشعب الأندلسى استطاع أن يحقق منجزات حضارية وثقافية وفنية بالغة الأهمية، مثل مسجد قرطبة الجامع وقصور إشبيلية وحمراء غرناطة، كما كان للحضارة الأندلسية فضلها الكبير على إسبانيا وعلى النهضة الأوربية.

اترك تعليق

من فضلك، أدخل تعليقك!
من فضلك، أدخل اسمك