وقفة تأمل بين الخليل والذبيح.. بقلم د/حافظ موسى

0
0

وقفة تأمل بين الخليل والذبيح 

الله تعالى جعل الدنيا دار ابتلاء، يميز الله بها ضعيف الإيمان ويرفع درجات الأتقياء

فهذا خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام حاج قومه في أصنام يعبدونها، وتماثيل يعكفون عليها فلم يلق قبولا من قومه، ولا من أخص الناس به والدِه، وقالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين، فاضرموا نارا وقالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم ، قال الله تعالى (قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم) فأذن الله بعدها لإبراهيم بالهجرة عن هؤلاء المعاندين، واسمع كلمات الثقة واليقين (إني ذاهب إلى ربي سيهدين) العلاقة مع الله في أقوى ما تكون حين تشتد بالإنسان الخطوب … فالهداية من الله وحده (ومن يضلل الله فماله من هاد ومن يهد الله فماله من مضل) (أنا عند ظن عبدي بي فليظن عبدي بي ما يشاء) ولا زال طمع العبد الواثق بربه ومن ربه يتجدد (رب هب لي من الصالحين) فالدعاء سلاح المؤمن، وليس عند الله شيء أكرم من الدعاء … فجاءت البشرى من الله فبشرناه بغلام حليم… أكرم به من غلام يشب قويا في بنيته نبات حسن وخلق فاضل … ظهرت فيه صفة الحلم إحدى الصفتين اللتين يحبهما ، والأخرى الأنابه … فهذا الغلام إذن صبور على ما يتطلب الصبر عليه، ليس للشيطان حظ منه فيوقعه في سفه أو طيش فألفاظه ليس الذي يقذفها الشيطان على لسانه، ولكنه ينتقي ألفاظه بحلمه، ويرد كيد الشيطان بعلمه… أما أفعال الحليم فهي رجوع إلى الله وإنابه لمولاه، وقد قال الله تعالى في أبيه إبراهيم (إن إبراهيم لحليم أواه منيب) … تعلق إبراهيم بهذا الغلام وهو ذو الحلم، وشب وبلغ السعي مع والده، فصار يرافقه في ذهابه ومجيئه، ويقضي مصالحه

ماذا لو قيل لك: إن هذا الغلام قد مات فجأة فانقطع اتصاله بأبيه. لو قيل ذلك لقيل: ما أعظمها من مصيبة، وما أشدها من بلية على قلب أب في الثمانين، ولكن الكرب أعظم والبلاء أتم … فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى ؟؟؟ إذن هنا وحي في الرؤيا، ورؤيا الأنبياء حق لا مدخل للشيطان فيه… الله أكبر أب يشاور ولده في ذبحه !!! ليس ترددا من الأب ولكنها مشورة إعلام ليكون من الابن نية حسنة وطاعة في قبول الأمر، ويظهر بذلك العبودية من الابن في التسليم كما ظهرت من الأب قال: يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين، فالله الذي أمر هو القادر على أن يصبرني على لحظات الذبح، ومن يقوى على هذه اللحظات … فجاء قول إسماعيل (إن شاء الله) فهو المعين .

فحصل التسليم من الأب وابنه فلما أسلما وشرع في التفيذ وتله للجبين أي : ألقاه على وجهه… أراد أن يذبحه من قفاه لئلا يشاهده في حال ذبحه، 

 جاء اليسر، وتبدد الكرب (و ناديناه يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا) انتهى الأمر وتم الامتحان وحصل المقصود لم يتم الذبح فعلاً، ولكنه تم حكما وافتدى الله إسماعيل بكبش ذبح عظيم، فالعزم على التنفيذ والإصرار على المضي في حكم الله هو فعل وتنفيذ، وقبول شرع الله وأمره عمل صالح .

 اللهم إنا نسألك العمل الصالح .

وكل عام وأنتم بألف خير

ءات ذات صلة: الشعور بالآخرين.. بقلم د/حافظ موسى 

اترك تعليق

من فضلك، أدخل تعليقك!
من فضلك، أدخل اسمك