كتب – محمد أبو النور

شهدت محافظة دمياط خلال الأيام الماضية جدلاً واسعاً بعد موافقة المحافظ الدكتور إسماعيل طه علي ترخيص ماكينات CNC المعروفة بماكينات الأويما الصيني ، وهو القرار الذي اعتبره قطاع عريض من العاملين بصناعة الأثاث تهديداً لمستقبل تلك الحرفة اليدوية ، التي يعمل بها الآلاف من أبناء المحافظة .

كان المحافظ قد أصدر قراراً برقم 882 لسنة 2016 ، يقضي بتولي الوحدات المحلية بالمحافظة إجراءات الترخيص للعمل بماكينات CNC ، وعدم غلق الورش والمصانع التي تعمل بهذه الماكينات ، مع ” ضرورة التزام الورش والمصانع بجميع الضوابط البيئية وعدد ساعات العمل ” طبقًا للقرار ذاته .

وأوضح المحافظ في تصريحات صحفية بعد صدور القرار أن الترخيص يتم لماكينات موجودة بالفعل بدمياط منذ سنوات ، ويشمل ما هو قائم فعلاً ، مؤكداً أن القرار تم بناءً علي طلب من أصحاب تلك الماكينات ، والذين تضرروا من من تحرير محاضر مخالفات ضدهم .

الدكتور إسماعيل طه محافظ دمياط

إلا أن تأكيدات المحافظ لم تكن كافية لطمأنة العاملين بالصناعة ، والإجابة عن التساؤلات المشروعة حول مستقبل ” الأويما ” تلك الحرفة والفن اليدوي الذي تشتهر به دمياط في ظل غزو الماكينات ، وفي ظل تزايد اعتماد المصانع والورش الكبيرة عليها ، لتوفير الوقت وتقليل العمالة .

وبدأ ظهور ماكينات الأويما بالمحافظة منذ سنوات قليلة ، بالتوازي مع زيادة عدد المصانع العاملة في قطاع الأثاث ، حيث تعتمد عليها المصانع بشكل كلي تقريباً ، لأن الماكينة الواحدة تقوم بدور عشرة عمال أويمجية . مما ساهم في تخفيض العمالة بتلك المصانع بنسبة 60 % تقريباً .

وسرعان ما انتشرت تلك الماكينات خارج المصانع بين الورش الكبيرة ، من خلال المكاتب التي تستوردها ، والتي نفذت حملات دعائية لتسويقها في جميع أنحاء المحافظة ، حتي صار الاعتماد علي الماكينات أساسياً بدلاً من الأويمجية ، الذين انحصر دورهم في وضع اللمسات الأخيرة علي إنتاج الماكينات .

وبدورهم يطالب خبراء الصناعة بضرورة وضع ضوابط لاستيراد الماكينات ، منعاً لإغراق السوق بها ، وحفاظاً علي المنتج الدمياطي ، الذي اشتهر بيدويته وحرفيته ، وكذلك حفاظاً علي مصالح قرابة 25 ألف أويمجي بالورش المنتشرة بمدن وقري دمياط .

وربما تساهم تلك الضوابط في الحد من استيرادها ، وحماية صغار الصناع والورش الصغيرة من المنافسة غير المتكافئة ، بين المنتج اليدوي الذي يمتاز بجودته وإتقانه ، والماكينة المستوردة التي تمتاز بسرعتها وكثرة إنتاجها .

هذه الضوابط باتت ضرورة عاجلة لمنع تفاقم المشكلة ، التي تهدد بثورة بين ” الأويمجية ” ، لاسيما في ظل الأزمة الحادة التي تعاني منها صناعة الأثاث بدمياط ، بسبب الركود والارتفاع المستمر لأسعار الخامات . وهي الأزمة المتواصلة منذ سنوات ، وفشلت الأجهزة التنفيذية في إيجاد حلول حاسمة لها تخفف من حدتها ، بالتوازي مع تنفيذ مشروع مدينة الأثاث ، والذي تبني عليه الدولة آمالاً واسعة في الحفاظ علي الصناعة وتطويرها بما يلائم المنافسة في السوق العالمي .