م . خالد جمال يكتب : الحزب المنتظر !

0
59

كتب

المحرر والناشر الإلكتروني لجريدة صوت الشعب، الصادرة من وعن محافظة دمياط

لاحظنا جميعاً في الفترة الأخيرة بعض الدعاوى المطالبة بتأجيل الإنتخابات البرلمانية ، مع العلم أن كثير من هذه الدعاوى التى تساق لطلب التأجيل لا يوجد لها محل من الإعراب ، فالبعض يرجعها إلي أن الظروف الأمنية غر مناسبة وهذه دعوي عظيمة الشذوذ ، حيث أنها تخالف ما هو محسوس من تحسن للوضع الأمنى وتراجع واضح للعمليات الإرهابية الكبرى ونمو واضح لمؤشرات رد اعتبار الدولة الآمنة ، والتى كانت أضعف بكثير فى وقت الاستحقاقات الانتخابية التى تلت ثورة 25 يناير 2011 وبالرغم من ذلك جرت كل الاستحقاقات السابقة فى بيئة أمنية أقرب للمثالية . وثبتت فيها الكفاءة التامة لقوات الجيش فى السيطرة علي الأوضاع ، رغم تصاعد التهديدات الإرهابية بعد ثورة 30 يونيو 2013 وجرى استفتاء الدستور وبعده انتخابات الرئاسة فى المواعيد المقررة ودون حوادث أمنية تخدش الصورة على مدى أيام طويلة متصلة ، ولا يتوقع أن يختلف الحال كثيراً مع إجراء انتخابات البرلمان فى أى وقت.

إذن فالدعوى الأمنية هنا ساقطة لا محالة وإن بدت التخوفات مشروعة من موارد أخرى وعلى طريقة “التخوفات السياسية” لا الأمنية ، وتلك تخوفات لا ولن يؤثر فيها التأجيل المقترح . فلا يوجد تخوف من تزوير إجراءات التصويت فتلك قصة سخيفة سقطت إلى الأبد مع خلع مبارك ولم تتكرر أبداً بعد ثورتي يناير و يونيو وبما يتطابق مع المعايير الدولية لنزاهة الإجراءات الانتخابية وفى ظل متابعة من منظمات مصرية وعربية ودولية.

نعم التخوفات السياسية قائمة ومشروعة وفى محلها ولا تتعلق بالظروف الأمنية ولا بشبهة احتمالات تزوير التصويت ولا بالتأجيل أو بالتعجيل بل فى توقع صورة تشكيل البرلمان المقبل.

فلن يكون البرلمان المقبل برلماناً للثورة كما لم يكن برلمان الأكثرية الإخوانية المنحل برلمان الثورة ، ولكن وإن صح الوصف فهي برلمانات جاءت بعد الثورة ووظيفتها الأساسية إعاقة الثورة ، ليس بتزوير جرى أو سيجرى فى إجراءات التصويت بل بتزوير حدث وقد يحدث فى إرادة التصويت سواء بالإكراه الدينى على طريقة الإخوان والسلفيين أو بالإكراه الاقتصادى على طريقة فلول جماعة مبارك ومن علي شاكلتهم وقد اختفى أو تضاءل تأثير الإكراه الدينى بعد إزاحة الشعب لحكم الإخوان وانكشاف حقيقة التنظيم الإخوانى كقوة مضادة للثورة ، وهو ما أفسح المجال ليس لقوى الثورة فقط بل لقوى الثورة المضادة الأخرى أيضاً على طريقة جماعة الفلول وأخواتها ، وهنا نلاحظ تبادل الأدوار فى كبح جماح الثورة وفى السيطرة على مجالس التشريع وفى التلاعب باسم الثورة ، على طريقة انتحال الإخوان لصفة ثورة 25 يناير وانتحال الفلول لصفة ثورة 30 يونيو ومحاولة فك حلقات الإتصال بين الثورتين .. مع العلم أنه لولا ثورة 25 يناير ما كانت ثورة 30 يونيو وكلها حلقات متصلة لثورة تبحث عن طريقها وتحاول لم أشلائها فى ظروف اقتصادية وسياسية طاحنة وهذا بعد ما حدث علي مدار الثلاثة اعوام الماضية من ثورتين متتابعتين علي أنظمة مستبدة لم تستطع فيها الدولة بعد بناء حزبها السياسى “الموحد” القادر على الفوز فى الانتخابات . فقد توجد جماعات سياسية صغيرة أقرب إلى روح الثورة وبرنامجها لكنها ما زالت حتي الآن مجرد أشلاء متفرقة لم تلتحم بعد فى حزب جامع ينهى احتكار اليمين للمسرح السياسى ويعبر فى حركته عن مصالح عشرات الملايين الذين خرجوا إلى ميادين الثورة وهذه هي الحلقة المفقودة فى سيرة الثورة المصرية المعاصرة . ومع غياب الحزب المنتظر حتي الآن فلن تكون هناك مفاجأة فى صدمة التشكيل المتوقع للبرلمان والذى يتسابق فيه مناصرو وأتباع التيار اليميني لشراء مقاعدهم فقد نلاحظ وجود القليل من بقايا اليمين الدينى فى جانب الصورة وبعض المليارديرات فى الجانب الاخر من الصورة ، وكلها تحالفات فلولية بامتياز تسعى إلى السيطرة فى البرلمان الجديد بهدف حصار الحلم الوطنى والاقتصادى والاجتماعى فى برنامج رئاسة السيسى وتربصها بمؤسسة الرئاسة نفسها محاولة منها للعودة إلي زمن الانحطاط التاريخى المتصل من زمن مبارك حتي حكم الإخوان الممثل في : الولاء للأمريكان وحفظ أمن إسرائيل ورعاية مصالح رأسمالية المحاسيب لنلاحظ في الأونة الأخيرة علو أصوات الثورة المضادة بوجهها المدنى بعد استنفاد رصيد وجهها الدينى ، لذلك وكما ذكرت مسبقاً فلن يكون البرلمان المقبل قولا واحدا برلمانا للثورة !!