بيع الأعضاء البشرية والاحتجاز القسرى للمريض وتعذيب متلقى الخدمة جرائم لا يصلح معها التعويض

ملاحظات وحدة التشريعات فى المجلس القومى لحقوق الإنسان بشأن مشروع قانون المسئولية الطبية، الذى تناقشه لجنة الشئون الصحية فى مجلس النواب حاليا.

وأوضحت الملاحظات الـ15 أن القانون لم يضع تعريفا محددا للمسئولية الطبية فى المادة 2، ومنح تعريفا قائما على حالات أو التزمات حددها على سبيل الحصر، وبالتالى أخرج العديد من أنماط الالتزام خارج دائرة المسئولية الطبية، كما وضعا شروط مجتمعة لانعقاد المسئولية قد يكون من الصعب تحقيقها.

كما لاحظت الوحدة أن المشرع اشترط 4 شروط مجتمعة لتحقق المساءلة فى المادة 3، وأغفل الإهمال أو الإحالة إلى قانون العقوبات، مع أنه يعد نوعا من الضرر العمدى بالمريض، واكتفى المشرع بالتجاوز ــ عن جهل بالقواعد المنصوص عليها فى اللوائح النقابية والمهنية ــ رغما أن تلك القواعد محددة، وبالتالى يخرج منها العديد من الحالات التى لا يعاقب فيها مقدم الخدمة، على الرغم من تحقق الضرر العمدى بالمريض.

كما لم يضع مشروع القانون معيارا للتمييز بين الأخطاء العادية والطبية، ولا يشترط توافر علاقة السببية فى هذه المسألة لأنها غير محددة، فمن الممكن أن يكون الخطأ مرتبطا بأداء الخدمة ومنصوص عليه فى المعايير، وتتوافر فيه علاقة السببية، ولكن لم تنصرف نية مقدم الخدمة إلى إحداث الضرر العمدى بمتلقى الخدمة.

ودللت وحدة التشريعات على ملاحظاتها «كمن يمنح علاجا عن طريق الخطأ لمريض، أو من يفقد قدرته على التركيز أثناء عملية جراحية، فيؤدى ذلك إلى وفاة متلقى الخدمة»، فالضرر هنا غير عمدى».

وأشارت الملاحظات على المادة 4 إلى أن مشروع القانون أخرج مقدم الخدمة فى غير الأماكن التى رخصت له بمزاولة مهامه فيها من دائرة التجريم، وأخضع ذلك لقانون العقوبات، وبالتالى أخرجه من تطبيق القواعد والآداب الواردة فى اللوائح النقابية، لأن أحكام المسئولية الطبية لا تنطبق عليهم.

وأخذت الوحدة على المشرع فى المادة 5 إخراجه حالات الخطأ فى التشخيص والعلاج، والآثار غير المتعارف عليها من دائرة الإعفاء المسئولية الطبية، خاصة فى ظل اتباعه الأصول الطبية والمهنية المتعارف عليها، موضحا أنه من الأجدر الاعتداد بالضرر العمدى وليس اعتبار الأخطاء التى يقع فيها الطبيب بمثابة جريمة، إذا خالفت القواعد والمعايير.

ورأت وحدة التشريع أن المادة 6 ينطبق عليها التعليق السابق، فمقدم الخدمة فى التحاليل والاشعات يمكن أن يرتكب خطأ، مع مراعاته الأسس والمعايير المتعارف عليها، ويحدث الضرر، وبالتالى فإن اعتماد معيار الضرر العمدى أصدق فى الانطباق على هذه الحالات.

وكان خروج نص المادة 7 بالتمييز الإيجابى بين المرضى، لصالح بعض الفئات كالمعاقين وكبار السن والنساء والأطفال، قد أخرج التقدير الشخصى لمقدم الخدمة من الاعتبار، وتعامل معه كما يتم التعامل مع آلة صماء، وليس إنسان يستطيع أن يقدر ويحكم ويتصرف بعقله.

وأشارت الوحدة إلى أن المادة 8 حددت الهيئة المعينة المطبقة للقانون ليست منتخبة، وبالتالى لا تعبر عن جموع الأطباء وتعد لجنة إدارية، ولا يجوز أيضا فرض تبعيتها لرئيس مجلس الوزراء، فهو غير طبيب وغير قاض، كما غاب عن تشكيلها المجالس القومية، كالمجلس القومى للمرأة، والمجلس القومى لحقوق الإنسان، رغم ما لهما من باع فى خدمة هذه القضايا.

وأخرجت المادة 9 اختصاص القاضى الطبيعى لتلقى الخدمة من موضعه وأوكلته إلى اللجنة ليصبح الأطباء هم الخصم والحكم فى أى خطأ يقع على مريض، كما منحت سلطة تحديد المسئولية الطبية من خلال تقريرها وسلطة إحالة المخالفة أو الجريمة لأى من القوانين الأخرى وهى سلطات استثنائية لا يجوز فرضها على مريض متضرر، وليس له باب ليطرقه إلا باب اللجنة.

ولفتت الوحدة إلى أن المواد 10 و11 و1 لم تنص على كفالة حق الدفاع لكل من مقدم الخدمة والمتضرر، كما أن الفترة الزمنية التى تم فرضها للتحقيق فى الواقعة طويلة نسبيا، ويستلزم التقدم إلى اللجنة كإجراء سابق على المحاكمة أن يكون القرار سريعا وباتا.

وعابت الملاحظات على المادة 14 الاختصاصات البيروقراطية للجنة وانحيازها لصالح الأطباء، بينما من المفترض أن تدافع عن حقوق المرضى، حيث تدفع نصف أتعاب الدعوى للطبيب، وتهمل حقوق المريض فى أن يحصل على علاقة متكافئة، حتى فى حالة إقرار خطأ الطبيب.

وتسلب لجنة المسئولية الطبية بهذا النص الاختصاص الأصيل لسلطة النيابة العامة فى التحقيق فى الدعوى، حيث يصبح رأيها إلزاميا إلى جهة التحقيق، بعدما اعتبرت نفسها معقبا على جهات التحقيق فى إقرار المسئولية أو نفيها، وبالتالى فقد استأثرت بسلطة العدالة، التى من المفترض أن تمنح إلى طرف محايد.

وأفادت الملاحظات بأن المشروع لم يوضح فى مادته رقم 18 شروط قبول التظلم ومواعيده، أو معايير الحكم، كما لم يتم توضيح مدى إلزامه بالنسبة إلى لجنة المسئولية وهو تظلم إلى خصم لا يجوز قانونا.

وبحسب المادة 19، جعل تقرير المسئولية الطبية إحدى الاجراءات التى لا يصح التقاضى فيها ألا إذا تم، ما يخل بنظام التقاضى العام، وبالتالى لا يجوز الاختلاف عليه حتى مع اتفاق الخصوم فى الدعوى على عدم إجرائه، ما يسلب اختصاص القاضى الطبيعى ويقيد قراره.

وأعطت المادة 20 فى القانون للجنة المسؤلية الطبية حصانة تستطيع أن تمنحها إلى مقدمى الخدمة، علما بأنها لجنة معينة، وبالتالى أغلق القانون باب التقاضى أمام قرارها، فحرم المدعى من اللجوء إلى قاضيه الطبيعى.

وأهملت المادة 21 بعض الأضرار التى قد تؤدى إلى ضرر بالغ بمتلقى الخدمة الطبية، كبيع الأعضاء البشرية أو الإضرار العمدى بالمريض، كما فى حالات احتجاز المريض قسرا داخل مستشفى، أو تعذيب متلقى الخدمة الطبية، وهى جرائم لا يصلح معها التعويض، ويجب أن تحقق العقوبة الغرض منها.

 

اترك تعليق

من فضلك، أدخل تعليقك!
من فضلك، أدخل اسمك