كتب – محمد أبو النور :

 

جثث داخلة .. وأخري خارجة .. تجمهر .. صراخ .. عويل .. دم .. ودموع .. واشتباكات مع الأمن .. قنابل غاز .. دموع أخري .. ورائحة الموت في كل مكان . هذه بالضبط مفردات الواقع الذي يعيشه سكان المنطقة المحيطة بمستشفي اليوم الواحد برأس البر بسبب مشرحة المستشفي .

يقول السكان أن عمليات دخول وخروج جثث الموتي بالمشرحة حولت المنطقة إلي مايشبه المقابر ، وأصبح الموت من المشاهد المعتادة بالنسبة لأطفالهم ، كما أن رائحته غير المحتملة تملأ الشارع وتتسلل لبيوتهم من النوافذ والبلكونات .

ومن المفارقات الغريبة وجود الملاهي علي بعد أمتار قليلة من المشرحة . وهكذا يختلط صخب الحياة داخل الملاهي بصمت الموت داخل المشرحة ، وترتفع الموسيقي وأصوات ضحكات الأطفال لتطغي أحيانا علي صرخات أهالي المتوفين وعويلهم ودموعهم .

ويضيفون ” تقدمنا بشكاوي متعددة لمجلس المدينة ومديرية الصحة لنقل المشرحة إلي موقع داخلي بعيد عن الشارع ، أو حتي نقل المتوفين إلي مشرحة مستشفي دمياط التخصصي التي لا تبعد عن رأس البر أكثر من 10 دقائق ، أو مشرحة مستشفي كفر سعد المركزي التي لا تبعد عن المصيف أكثر من 20 دقيقة ، لكن دون جدوي ، فلا أحد من المسئولين يريد أن يسمع صوتنا أو يشعر بمعاناتنا ” .

ومنذ عام تقريبا حدثت اشتباكات عنيفة بين أهالي أحد قتلي حملة أمنية شنت علي بؤر تجارة المخدرات وبين قوات الأمن أثناء انتظار خروج الجثمان أصابت السكان بحالة من الذعر ، واضطر الأمن لاستعمال قنابل الغاز لفض التجمهر والشغب ، وسرعان ما تطاير الغاز حتي اقتحم النوافذ وملأ الغرف وأصاب الأطقال باختناقات ونوبات حادة من البكاء والرعب .

علي الجانب الأخر يؤكد المسئولون بإدارة المستشفي استحالة الإستغناء عن المشرحة ، فلا تكتمل منظومة العمل داخل أي مستشفي إلا بوجود المشرحة ، خاصة برأس البر التي تشهد خلال موسم الصيف حالات غرق . ويشيرون إلي أن سكان المنطقة يبالغون في مخاوفهم وتصوراتهم ، حيث أن عدد الحالات التي تعاملت معها المستشفي خلال المواسم السابقة قليل جدا ، مقارنة بالمستشفي التخصصي وكفر سعد المركزي ، اللتين تستقبلان يوميا أعدادا كبيرة من قتلي ومصابي الحوادث . كما أن حدوث اشتباكات أمام المشرحة أمر نادر الحدوث ، والعاملون بالمستشفي اول من يدفع ثمنها .

وهو الأمر الذي يؤيده المسئولون بمجلس المدينة ، حيث يؤكدون أنه تم منذ سنوات إلغاء مشرحة الإسعاف بشارع 51 بوسط المدينة لمثل هذه الاعتبارات المتعلقة بالحفاظ علي السياحة وتنشيطها ، ولابد من وجود خدمة طبية متكاملة داخل المصيف الذي تستقبل سنويا ملايين الزوار والمصطافين .