محمد أبو النور يكتب : دليل المشتاق في فن الاسترزاق !

0
80

كتب

المحرر والناشر الإلكتروني لجريدة صوت الشعب، الصادرة من وعن محافظة دمياط

 

رئيس مدينة من مدن المحافظة أراد أن يقدم بعض نصائحه الذهبية للمهندسين العاملين معه بمجلس المدينة ، ويلقنهم خبرته الطويلة في الفساد والفشل فقال لهم أنه ليس لديه مانع في أن يكون لهم أعمال خاصة يستفيدون منها .. بشرط ألا تكون أعمالهم مخالفة للقانون !

الغريب أن رئيس المدينة ، وهو يقف الآن علي أعتاب البيجامة والخروج للمعاش والجلوس في بيتهم لاجترار ذكرياته وكتابة مذكراته التي من المرجح أن يكون عنوانها ” تجربتي .. 60 عاماً من الفتة ” أو ” دليل المشتاق في فن الاسترزاق ” ، يعلم جيداً أنه لا توجد أعمال خاصة لمهندس المحليات غير مخالفة للقانون ، وأن ذلك تضارب مصالح من طراز رفيع ودعوة صريحة للتحايل علي القانون وتشجيع علي الفساد والتربح من الوظيفة !

لكن الأغرب أن ” بعض ” المهندسين هللوا وكبروا لما يقوله ” الريس ” واعتبروا أنهم حصلوا علي تفويض وفتوى شرعية بالاستفادة من مراكزهم .. كأنه أطلق كل ما بداخلهم من رغبات مكبوتة في الفساد والتربح ، وهي رغبات كانوا يخفونها وراء أقنعة زائفة من الاستقامة وطهارة اليد والحنبلية في تطبيق القانون !

وقد كان نشاط هؤلاء يقتصر حتي ذلك الوقت علي فرش مكاتبهم بشهادات الإشراف والصلاحية للاسترزاق من وراء بيعها للمواطنين كما الباعة علي الرصيف . وبعد صدور ” التوجيه الرئاسي ”  بدأوا في مساومة أصحاب رخص البناء علي سرعة استصدارها مقابل توليهم عمل الرسومات الهندسية الخاصة بالرخص وختمها واعتمادها من مكاتب هندسية خارجية .

وأمام هذه المساومة والابتزاز يجد المواطن نفسه أمام 3 احتمالات : إما أن يرضخ وينصاع ويدفع بالتي هي أحسن للحصول علي الرخصة ، وإما أن يرفض فتتعطل رخصته بالمجلس حتي يرث الله الأرض وما عليها ، وإما أن يرفض ويبني بالمخالفة بدون ترخيص بسبب عدم قدرته الحصول علي حقه القانوني إلا بالرشاوى والإكراميات !

ولما راج سوق الرخص بالمجلس واتسع نشاطهم وزادت أرباحهم وبارك الله لهم في الحرام بدأوا في محاربة المكاتب الهندسية بالمدينة وتعطيل كافة أعمالها طمعاً في زبائنها ، بعد أن كانوا يعتمدون علي هذه المكاتب في تعديل وترقيع العاهات الهندسية التي يتركونها بالرخص التي يستولون عليها قبل ختمها واعتمادها !

وبدأوا يعتمدون علي مكاتب أخري من خارج المدينة لستر جرائمهم مقابل منحها نفحة مما يهبرونه من المواطنين ، ويتراوح ما بين 2000 و 3000 جنيه علي كل رخصة !

فلما فاحت رائحتهم في أنحاء المدينة حتي أزكمت الأنوف وكره الناس دخول المجلس بسببهم ، قرروا نقل نشاطهم من المدينة إلي قري المركز ، حيث أن القرى سوق جديد لم تسبقهم سمعتهم إليه . وتصوروا أنهم يستطيعون الهرب من عيون الناس التي تلاحقهم وتتهمهم بأبشع الاتهامات ، ناسين أنهم مهما هربوا من عيون الناس فإن عين الله لن تغفل عنهم ، وأن الحساب العسير قريب وقادم لهم ولـ ” ريسهم ” وكبيرهم الذي علمهم البلادة والفشل والهلفطة والابتزاز الرخيص !