البشارة لأم العرب العدنانيين

كتب / وسام وهدان ونسمه شرة

لبثت السيدة هاجر عمراً مع السيدة سارة فتحابا في الله وعلمتها السيدة سارة من أمور الدين والتوحيد والعلم الرباني واستقيا علمهما من أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام الذي يقول عنه الله سبحانه وتعالى في سورة آل عمران آية 67: «ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين».

وكما هو معروف فإن السيدة سارة زوجة إبراهيم كانت لا تنجب وكان سيدنا إبراهيم عليه السلام قد صار شيخا وابيض شعره من خلال عمر أنفقه في الدعوة إلى الله. وفكرت سارة أنها وإبراهيم وحيدان وهي لا تنجب فماذا لو قدمت إليه هاجر ويأتي منها بولد. وفي روايات أنها قالت لسيدنا إبراهيم «لو تزوجت هاجر رجوتها أن تنجب لك».

وكان عمر السيدة سارة وقتئذ ست أو سبع وسبعين عاما فيما كان عمر سيدنا إبراهيم ست أو سبع وثمانين عاما.

وظهرت علامات الحمل على السيدة هاجر وكانت فرحة لما وهبها الله في أحشائها وربما اختلطت مشاعر الفرح بالخوف أيضا من من أن الغيرة سوف تتحرك في قلب السيدة سارة نحوها وهنا تقول كتب التفاسير إن هذا قد حدث فعلا وشكت السيدة سارة لزوجها إبراهيم أن هاجر قد تغيرت.

وربما تعاظمت عليها وهنا خافت السيدة هاجر فخرجت بسرعة وربما هاربة فجاءت البشارة بأنها ستلد غلاما وتسميه إسماعيل وأن ولدها هذا سيكون سيدا للناس يده على الكل ويد الكل به وسيملك جميع بلاد أخوته فشكرت السيدة هاجر ربها عز وجل وامتلأت نفسها إيمانا ويقينا وطمأنينة وهنا نلاحظ أن بشارة الملائكة للسيدة هاجر إنما انطبقت على ولده سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فهو الذي سادت به العرب وملكت البلاد شرقا وغربا وأتاها الله من العلم النافع والعمل الصالح ما لم يؤت أمة من الأمم قبلها وما ذاك إلا بشرف رسولها على سائر الرسل وبركة رسالته وعموم بعثته لجميع أهل الأرض ومن هنا جاءت تسمية السيدة هاجر بأم العرب العدنانيين التي أنجبت إسماعيل «أبو العرب» أجمعين.

كلنا نعلم قصة الأضحية و تلبية الابن البار إسماعيل النبي – عليه السلام- لنداء أبيه أبا الأنبياء إبراهيم – عليه السلام – و لأمر ربه العظيم الذى لا مفر منه ، حينما قال عليه السلام ” يا بني إني أرى في المنام أنى أذبحك فانظر ماذا تفعل ” ورد عليه ولده بدون تردد ” يا أبت افعل ما تؤمر ، ستجدني ان شاء الله من الصابرين .

فاتجه أبا الأنبياء إلى ابنه و هم أن يذبحه و لكن الله أمر السكين بألا تقطع و فداه ربه بكبش عظيم من الجنة ابيض الصوف ذي قرنين كبيرين و هكذا أصبحت الأضحية سنة سيدنا إبراهيم – عليه السلام- سنة المسلمين كافة يؤدونها أيام الحج ولها عظيم الفضل ويكره تركها مع القدرة عليها .

وأصبح عيد و فرحة لسيدنا إبراهيم لسلامة ولدة و خروجه من هذا الاختبار مبلى بلاءً حسنا مطيعاً لله لم يتردد فى التضحية بأعز ما لديه لوجهه الكريم خاصة وللمسلمين عامة هذه القصة نراها من زاوية الولد وابيه و تضحياتهما معا كل فيما يقدمه فالأب ضحى بابنه و الإبن ضحى بروحه فى سبيل إرضاء الله.

بقي أن نذكر دور الأم الذي لا يقل ابدا عن دورهما بل يزيد ، أمنا هاجر عليها السلام كانت خير أم لخير ابن ، كانت عليها السلام من أصحاب النفوس العالية الهمة لم تتكاسل أبداً في أداء دورها تحملت فى تجاربها القاسية و استعانت بالله ، صبرت حين تركها زوجها وحيدة هى و طفلها الرضيع بعد أن وجدت الغيرة طريقها إلى قلب السيدة سارة لحملها بولد زوجها إبراهيم عليه السلام التى لم تستطع هى الحمل به لتطلب منه أن يأخذ هاجر بعيدا عنها هى و طفلها و لكنه أمر الله أن تغار ليضعها الله فى هذه البقعة الطاهرة من الأرض .

وتركها في صحراء مكة لا ماء و لا زرع و لا أنيس و لا رفيق و آمنت بربها و قضائه و أطاعت زوجها لطاعة ربها و لم تشتكي حين هم إبراهيم – عليه السلام – عائداُ إلى زوجته السيدة ساره فسألته هاجر ” يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا في هذا الوادي الذي لا أنيس ولا شيء ؟ فلم يلتفت عليه السلام و أكمل خطاه حينها ادركت أنه أمر يمنعه من الرد عليها فسألته ثانياً : هل هذا أمر الله ؟! رد عليها : نعم ومضى في سبيله و تركها.

الصفا والمروة :

لما نفذ منها الماء و الزاد و جف لبنها لم تستسلم و لم تيأس أخذت تبحث عما يسد جوع رضيعها فصعدت على جبل الصفا تتفقد احداً ينقذها هي و رضيعها من الهلاك أو تجد الماء و الطعام ما يعينها على البقاء و لكنها لم تجد مع ذلك لم تيأس فتنزل مسرعة و تصعد جبل المروة وفعلت ذلك سبع مرات حتى تمكن منها التعب فبعث الله عز و جل لها جبريل –عليه السلام- فيضرب الأرض بجناحه لتخرج منها عين ماء فتهرول نحوه تطفئ بها عطشها و ابنها و سميت بعين زمزم و جعلها سببا .

و لم يتركها الله في وحشة وحدتها فأرسل اليها بعض الناس من قبيلة “جرهم” و ارادوا البقاء فى نفس المكان لما رأوا عندها الماء و شاركوها في ماء زمزم واستأنست بهم وعندما كبر إسماعيل تزوج امرأة منهم.

هذه هى هاجر المرأة المؤمنه الراضية بقضاء الله و أمره ، الأم القوية الحنونة التي أخلصت لله و لزوجها ،انها خير مثال للمرأة الصالحة نعم يختلف الزمان و المكان و لكن يبقى الاخلاص و الوفاء و الخضوع لأمر الله باق لا خلاف فيه

نحن أمر من الله

أمنا هاجر سببا في هذا العيد ولولا إيمانها وصبرها و قلبها و تماسكها في أصعب الظروف التي من الممكن لأية امرأة أن تنهزم فيها و تربية طفلها على طاعة الله لما سمع الابن نداء أبيه و كان من الممكن أن يحدث ما هو أفظع و لكنه الرضا بقضاء الله و التربية الدينية السوية و حب الله و نظرة الله لهم بعين الرحمة و مكافأتهم على تجاوزهم لكل البلاء  و لهذا نقول اولا و اخرا و أخيراً كن مع الله و لا تبالي .

وللحديث بقية

ة

اترك تعليق

من فضلك، أدخل تعليقك!
من فضلك، أدخل اسمك