• رجال الأعمال وأصحاب النفوذ تعدوا علي 300 فدان تتجاوز قيمتها 2 مليار جنيه

  • مسئولون بالمحافظة تواطئوا لتسهيل التعديات وتمكين المتعدين من تقنين أوضاعهم

  • التحايل علي القرار الجمهوري بإنشاء محطة كهرباء غرب دمياط بتسليم الأرض من أملاك المحافظة وليس هيئة المجتمعات العمرانية

كتب – محيي الهنداوي ومحمد أبو النور وأحمد عبد الله :

فوق بقعة ساحرة علي ساحل البحر الأبيض المتوسط تقع ما بين ” دمياط الجديدة ” و ” جمصة ” ، وعلي مساحة هائلة تمتد إلي ما يقرب من 300 فدان ، تجري جريمة جديدة مروعة في حق الوطن وحقوق الاجيال القادمة ، وسط غيبة تامة لأجهزة الدولة بل ومشاركة بعضها في ارتكاب الجريمة .

الجريمة أبطالها عدد من كبار رجال الأعمال وأصحاب النفوذ بمحافظة دمياط ، الذين اغتصبوا بمساعدة بعض المسئولين بالمحافظة من أملاك الدولة هذه المساحة التي لا تبعد عن مدينة دمياط الجديدة أكثر من 3 كيلو متر ولا تبعد عن ميناء دمياط سوي 6 كيلو متر وعن مصيف جمصة سوي 7 كيلو متر ، وتتجاوز قيمتها السوقية 2 مليار جنيه. ويتاجرون فيها الآن بمبالغ خيالية ، علي مسمع ومرأي من جميع المسئولين ، وبدون تدخل أو إزعاج من المحافظة وجهاز تعمير مدينة دمياط الجديدة وكافة الأجهزة الرقابية بالدولة .

بداية الجريمة كما يرويها لـ ” صوت الشعب ” مسئول كبير سابق بالمحافظة كانت بعد صدور قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 546 لسنة 1980 الخاص بإنشاء مدينة دمياط الجديدة ، وكانت هذه الأرض الواقعة بين دمياط الجديدة وجمصة حتي ذلك الوقت مجرد صحراء جرداء لا زرع فيها ولا ماء ، لا يوجد فيها ما يغري لصوص أملاك الدولة بالاقتراب منها والاستيلاء عليها .

وبعد أن صدر قرار إنشاء المدينة بدأ الاهتمام بهذه المساحة وبدأ بعض الأهالي يعتدون عليها بوضع اليد دون اتباع الطرق القانونية . ثم زاد الاهتمام وزادت التعديات بعد انشاء الطريق الدولي الساحلي ، والذي يحد هذه البقعة من الناحية الجنوبية ، فأصبحت نهبا ومطمعا خاصة مع نمو مدينة دمياط الجديدة وضعف وترهل الدولة علي مدي السنوات الماضية ، فاستفحلت التعديات حتي التهمت المساحة بالكامل .

وتواكب مع ذلك صدور قرار من محافظ دمياط برقم 116 لسنة 1985 بتخصيص مساحة 214 فدان غرب مدينة دمياط الجديدة لإقامة محطة توليد الكهرباء . لكن اجراءات انشاء المحطة لم تبدأ إلا بعد ذلك بسنوات ، بعد صدور القرار الجمهوري رقم 13 لسنة 2004 بتخصيص 214 فدان للشركة القابضة لإنتاج الكهرباء دون مقابل نقلا من هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة صاحبة الولاية علي الأراضي الواقعة داخل حدود القرار 546 لسنة 1980 .

المثير أنه تم التحايل في تنفيذ القرار الجمهوري ، وبدلا من أن يتم تسليم الـ 214 فدان لإقامة المحطة نقلا من هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة أي داخل حدود القرار 546 كما ينص القرار الجمهوري ، تم تسليمها من أملاك محافظة دمياط وليس من أملاك هيئة المجتمعات العمرانية . بل وتم تسليم الشركة مساحة تزيد عن المساحة المخصصة بحوالي 127 فدان . حيث أن القرار تضمن تخصيص 214 فدان ، في حين أن ما تم تسليمه حوالي 341 فدان ، وذلك بدون سبب مقنع أو مفهوم .

والغريب مع ذلك أن التعديات كانت عقبة في سبيل تنفيذ مشروع المحطة ، رغم صدور قرارات إزالة لهذه التعديات بأرقام 70 لسنة 1998 من مجلس مدينة كفر سعد ، و10 لسنة 1998 من جهاز تعمير دمياط الجديدة ، و21 لسنة 2005 من محافظة دمياط ، إلا أنه عند التنفيذ تم إزالة التعديات الواقعة علي المساحة المخصصة لإقامة المحطة ، وظلت التعديات قائمة علي باقي المساحة التي تقدر بحوالي 300 فدان .

ثم اكتملت سلسلة الأخطاء بصدور قرار محافظ دمياط برقم 296 لسنة 2005 بتشكيل لجنة برئاسة مدير إدارة الأملاك بالمحافظة لحصر التعديات الواقعة علي هذه المساحة ، مع أن ذلك الإجراء لا يجوز لأنه يعطي للمتعدين علي أملاك الدولة المغتصبين لها مراكز قانونية كواضعي اليد ، وكان الأولي تنفيذ قرارات الإزالة واسترداد أملاك المحافظة الفقيرة في أراضيها ، والتي هي في عرض كل متر أرض لتنفيذ مشروعاتها .

وتواطئت اللجنة لتمكين المتعدين من تقنين وضع يدهم وسمحت لهم بالتمادي في تعدياتهم بإقامة مباني سكنية ومصانع وفيلات دون أي اجراء . بل وتلاعبت في تقدير المساحة المتعدي عليها ، فقدرت عدد حالات التعدي بـ 37 عبارة عن أراض زراعية ومزارع سمكية بـاجمالي 170 فدان في حين أنها تزيد عن 300 فدان . وأوصت اللجنة بتحصيل ريع مقابل انتفاع من المتعدين وهذا يعني اعترافا بوضعهم وتمكينهم من الأرض . ووجهت اخطارات لهم فقام بعضهم بسداد مبالغ ريع مقابل انتفاع كما قاموا بسداد رسوم معاينة ورسوم طلبات تمليك .

ويواصل المسئول الكبير السابق كشف التفاصيل المثيرة للجريمة المروعة ، ويقول : العجيب مع ذلك أن المغتصبين الذين اعتبرتهم لجنة الحصر منتفعين وواضعي اليد علي هذه المساحات لم يسددوا عنها حتي مقابل الانتفاع الذي لا يتجاوز جنيهات زهيدة في العام الواحد .

وفقدت الدولة سيطرتها بعد أن سيطرت مافيا الأراضي علي هذه المساحة ، وتغير واضعي اليد عليها بعد أن أصبحت محل اهتمام الجميع ، واشتري رجال الأعمال وأصحاب النفوذ وضع اليد من واضعي اليد الأصليين مقابل مبالغ طائلة ثم تاجروا فيها فيما بينهم وكأنها أرضهم وليست أرض الدولة . والأسماء كلها معروفة وكلهم اشتروا وضع اليد من واضعي اليد الأصليين ثم باعوا الأرض لأخرين مقابل تنازلات .

وحاليا وصل سعر الفدان إلي مبالغ تتراوح من مليون إلي 2 مليون جنيه ، أما الأماكن المتميزة المطلة علي البحر المتوسط مباشرة فأسعارها أزيد من ذلك بكثير .

ويتساءل المسئول الكبير السابق في حسرة : هل يعلم المحافظ الدكتور إسماعيل عبد الحميد طه شيئا عن هذه الجريمة التي لا تزال فصولها مستمرة حتي اليوم ؟! .. هل يملك الجرأة والشجاعة الكافية لوقفها والتصدي لمافيا الأراضي واسترداد أملاك الدولة المنهوبة واستعادة حقوق الأجيال القادمة في وجود ظهير صحراوي للمحافظة تتوسع فيه عمرانيا وتقيم بداخله مشروعاتها المتعثرة بسبب نقص الأراضي ؟!

إن الجريمة مروعة ومنكرة .. والأسئلة معلقة وحائرة .. والأسماء كبيرة وبارزة .. تكشف عنها ” صوت الشعب ” بالصور والمستندات في عددها القادم خلال أيام .