طلعت مصطفى العواد

رفقا بأصحاب المعاشات

 

أصحاب المعاشات، حياة جديدة ومرحلة متقلبة يعيشها أصحاب المعاشات فور خروجهم إلى المعاش.

فبعد أسبوع من خروج صاحب المعاش، تجد هناك تغيرًا وتحولًا كبيرًا في الشكل والحالة النفسية والمادية إلى درجات دنيا؛ من الناحية الصحية ترى ذبولًا في الشكل العام، والحال النفسية في تغيُّر، تحتاج إلى ترويض كي تلائم الوضع الجديد.

أما الحالة المادية ربما يكون لها دور كبير على أصحاب المعاشات وتأثير مضاد عليهم، وأيضًا يتميزون بوجود وفرة من وقت الفراغ، لو استسلموا له في كبته وحزنه وسطوته لكان له دور كبير في انهيار حالتهم الصحية.

وهناك حالات حاولت التغلب على ذلك بطرق سلبية، الحالة الأولى لموظف لم يعترف أنه خرج على المعاش ولم يتعايش مع الوضع الجديد، فتراه كل يوم يخرج في نفس الموعد، ويذهب إلى عمله القديم ويمثِّل أنه يعمل ويجلس طوال فترة العمل اليومي معهم ويمسك دفترًا، ويجلس مثلما كان يجلس في فترة عمله قبل خروجه للمعاش.

الحالة الثانية لمدير مصلحة سابق في صباح كل يوم يجلس على كرسي في الشارع أمام المصلحة التي كان يديرها كي يراه من يعرفه، ويلقون عليه السلام أو يتحدث مع البعض منهم كي يشعر بوجوده في الحياة.

الحالة الثالثة لموظف سابق تراه منذ الصباح الباكر يسير في شوارع المدينة، ويلبس جلبابًا مكويًا ويحمل كيسًا في يده، قد حيَّر الناس في مشيته اليومية هذه، وبمراقبته جيدًا لوحظ أنه يسير في الشارع كي يبحث عن فضلات من البلاستيك، أو الحديد كي يبيعه خردة ثمن الكيلوجرام سبعة (جنيهات)، وشاهدناه يسير، وعندما يتأكد أن الشارع خال من المارة وأنه لا أحد يراه، يلتقط بسرعة قطعة الخردة من البلاستيك أو المعدن، وفي نهاية اليوم يحصل على ثمن طعام الإفطار من الخردة، وهناك حالات كثيرة على نفس المنوال.

بالإضافة إلى عذابه يوم صرف المعاش ،بالتأكيد يقضى كبار السن والمرضى ثلاث ساعات وقوفا فى حر الشمس الشديد صيفا وفى الشتاء يقضى ذلك الوقت فى البرد القارس وقوفا على مكتب بريد مدينة السرو فى انتظار دوره كي يصرف معاشه وذلك لعدم وجود ماكينة صرف آلى تابعة للمكتب تخفف المعاناة عن أصحاب المعاشات ،

وقبل خروج الموظف إلى المعاش، يدور في حلقة تفكير مفرغة عما سيفعله بعد الخروج…

 

هل يستسلم للعزلة ووقت الفراغ القاتل؟ أم يبحث عن حياة عمل جديدة تناسب قدراته كي يشعر بالحياة؟

 

وفي اعتراف مرير لمدير سابق قال لي: عملت إنجازات كثيرة، وأنا الآن لا أحد يتذكرني أو يرفع سماعة (التليفون) كي يدعوني في مناسبة أو يسأل عن أحوالي.

إذن.. أصحاب المعاشات في حاجة ماسة إلى استغلال وقت فراغهم، والاستفادة من خبراتهم حسب قدرتهم كي يشعروا بالحياة.

نعم كل صاحب معاش يملك خبرة كبيرة في العمل، كل حسب تخصصه، لماذا لا يكون هناك هيئة أو نظام يستفيد من خبراتهم وآرائهم واستشارتهم، وتوظيف خبراتهم لمصلحة المجتمع، بدلًا من أن نحكم عليه بالعزلة التامة؟

أيضًا لا بد من رعايتهم اجتماعيًا ونفسيًا، ومن كافة النواحي.

طلعت العواد

دمياط مدينة السرو

ذات صلة : فن المستريح فى النصب بشكل مريح.. بقلم /طلعت العواد

1 تعليقك

  1. احسنت القول استاذ طلعت ومعك ليس فقط هيئة لتشغيل اصحاب المعاشات بل ايضا يجب ان يكون حد ادنى للمعاش يعادل ضعف الحد الادنى لتكاليف المعيشة لأسرة متوسطة بمعنى ان نحدد الادنى لتكاليف المعيشة لأسرة متوسطة عن طريق سجلات الجهاز المركزى للتعبئة وللاحصاء فهو الاقدر على تحديها ويكون الحد الادنى للمعاش ضعف الحد الادنى لتكاليف المعيشة اما من الناحية النفسية فهناك مقولة للغربيين الان تبدأ الحياة.. ولكننا فى الشرق يعتبر التقاعد حكما بالغعدام فالكل ينظر اليه على انه رجل عجوز بينما مازال لديه القدرة على العمل وعلى المشاركة فى جوانب الحياة المختلفة ومادام قادرا على العطاء فهو ليس كم مهمل بل هو مواطن له الحق فى المشاركة فماحال انه صاحب خبرة كبيرة وعلى فكرة ان الرجال فوق الستين يشكلون حوالى 40% او اكثر من المواطنين فعلى الاقل نعطى هؤلاء نسبتهم فى المشاركة على كافة المستويات والغرب اذا كان هناك شىىء حسن لايشغله السن وانما هل هو هو كفء ام لا هذا هو المعيار

اترك تعليق

من فضلك، أدخل تعليقك!
من فضلك، أدخل اسمك