حتى لا يضيع علينا رمضان

إذا أسقطنا هذا المفهوم على رمضان فإن تعاملنا معه سيختلف عن ذي قبل و سنجتهد في الانتفاع الحقيقي به.

إن هذا الشهر يمثل فرصة ذهبية لإحياء القلب وعمارته بالإيمان وانطلاقه في رحلة السير إلى الله، لما قد اجتمع فيه من عبادات متنوعة مثل الصيام، والصلاة، والقيام، وتلاوة القرآن، والصدقة، والاعتكاف، والذكر، والاعتمار، و ….

هذه العبادات إذا ما أحسنَّا التعامل معها فإن أثرها سيكون عظيمًا في إحياء القلب وتنويره وتأهيله للانطلاق في أعظم رحلة : “رحلة السير إلى الله”.

أما إن تم التعامل معها بصورة شكلية محضة فسيبقى الحال على ما هو عليه .. ستبقى الأخلاق هي الأخلاق، والنفوس هي النفوس، والاهتمامات هي الاهتمامات … والواقع هو الواقع، و ستستمر الشكوى بعد رمضان من الفتور و ضعف الهمة و التثاقل نحو الأرض.

الغنيمة

و لعل من أهم الامور التي تُعين المسلم بإذن الله على الاستفادة من رمضان هو إدراكه أن هذا الشهر يُعد بمثابة (الغنيمة ) التي يمكنه من خلالها إيقاظ الإيمان و تجديده في قلبه و التزود بالتقوى.

وأن هذه الغنيمة لا يمكن إدراكها من خلال القيام بأشكال العبادات دون تحرك القلب معها، و هذا يستدعي منه تفرغاً – إلى حد ما – من الشواغل التي تشوش على عقله، و تصرفه عن الحضور التجاوب القلبي مع الأداء البدني للعبادات.

و يحتاج الأمر كذلك إلى عدم إجهاد البدن قدر المستطاع، فكلما أُجهد البدن ثقلت العبادة وغاب أثرها على القلب.

و مما يدعو للأسف أن البعض يظن أن قيامه بنوافل العبادات – كصلاة القيام – و هو في حالة من الإجهاد البدني و الشعور الشديد بالتعب أفضل من عدم قيامه بها، لأنه لو تركها و أخلد للراحة بصورة مؤقتة فستفوته تلك النافلة مع الجماعة.

و هذا – بلا شك – نتيجة لغياب الفهم الصحيح لحقيقة العبودية، و لقد مر علينا قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا قام أحدكم من الليل فاستعجم القرآن على لسانه فلم يدر ما يقول فلينصرف، فليضطجع) و ليس معنى هذا هو سرعة الاستسلام للشعور بالتعب و الإجهاد، و لكن لابد من إعطاء البدن حقه من الراحة حتى نستطيع – بعون الله – القيام بالعبادة و عقولنا و قلوبنا حاضرة معها قدر المستطاع.

اترك تعليق

من فضلك، أدخل تعليقك!
من فضلك، أدخل اسمك