قال الله تعالى : { فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ } .

ذكر الله في هذه الآية الكريمة أصول مُفَطِّرات الصوم , وذكر النبي صلى الله عليه وسلم في السُّنَّة تمام ذلك .

والْمُفَطِّرات سبعة أنواع :

الأول : الجماع وهو إيلاج الذكر في الفرج ، وهو أعظمها وأكبرها إثما , فمتى جامع الصائم بطل صومه فرضا كان أو نفلا ، ثم إن كان في نهار رمضان والصوم واجب عليه لزمه مع القضاء الكفّارة المغلّظة .

وهي عتق رقبة مؤمنة ، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين لا يفطر بينهما إلا لعذر شرعي كأيام العيدين والتشريق  أو لعذر حسي كالمرض والسفر لغير قصد الفطر , فإن أفطر لغير عذر ولو يوما واحدا لزمه استئناف الصيام من جديد ليحصل التتابع .

فإن لم يستطع صيام شهرين متتابعين فإطعام ستين مسكينا ، لكل مسكين نصف كيلو وعشرة غرامات من البُرّ الجيد ويجزي الرز عن البر لكن تجب ملاحظة الوزن ، فإن كان الرز أثقل زِيدَ في وزنه بقدره ، وإن كان أخف نقص من وزنه بقدر.

الثاني : إنزال المني باختياره بتقبيل أو لمس أو استمناء أو غير ذلك ؛ لأن هذا من الشهوة التي لا يكون الصوم إلا باجتنابها كما جاء في الحديث القدسي : « يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي »  ، فأما التقبيل والمس بدون إنزال فلا يفطِّر ، لحديث عائشة رضي الله عنها : « أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُقَبِّل وهو صائم ويباشر وهو صائم ولكنه كان أَمْلَكَكُمْ لإربه ».

وأما الإنزال بالاحتلام أو بالتفكير المجرد عن العمل فلا يفطِّر ؛ لأن الاحتلام بغير اختيار الصائم , وأما التفكير فمعفو عنه لقوله صلى الله عليه وسلم : « إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم ».

الثالث : الأكل أو الشرب ، وهو إيصال الطعام أو الشراب إلى الجوف من طريق الفم أو الأنف أيا كان نوع المأكول أو المشروب ، لقوله تعالى : { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ } .

 والسَّعُوط في الأنف كالأكل والشرب لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث لقيط بن صبرة : « وبالغ في الاستنشاق ، إلا أن تكون صائما »  فأما شم الروائح فلا يفطِّر لأنه ليس للرائحة جرم يدخل إلى الجوف .

الرابع : ما كان بمعنى الأكل والشراب وهو شيئان :
أحدهما : حقن الدم في الصائم مثل أن يصاب بنزيف فيحقن به دم فيفطر بذلك ؛ لأن الدم هو غاية الغذاء بالطعام والشراب.

الشيء الثاني : الإبر المغذِّية التي يُكْتَفَى بها عن الأكل والشرب فإذا تناولها أفطر ؛ لأنه وإن لم تكن أكلا وشربا حقيقة , فإنها بمعناهما , فثبت لها حكمهما ، فأما الإبر غير المغذية فإنها غير مفطرة سواء تناولها عن طريق العضلات أو عن طريق العروق.

النوع الخامس : إخراج الدم بالحجامة , لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « أَفْطَرَ الحاجم والمحجوم »  ، وهذا مذهب الإمام أحمد وأكثر فقهاء الحديث ، وفي معنى إخراج الدم بالحجامة إخراجه بالفصد ونحوه مما يُؤَثِّر على البدن كتأثير الحجامة.

وعلى هذا فلا يجوز للصائم صوما واجبا أن يتبرع بإخراج دمه الكثير الذي يؤثر على البدن تأثير الحجامة إلا أن يوجد مضطر له لا تندفع ضرورته إلا به ، ولا ضرر على الصائم بسحب الدم منه فيجوز للضرورة ويفطر ذلك اليوم ويقضي .

وأما خروج الدم بالرعاف أو السعال أو الباسور أو قلع السن أو شق الجرح أو تحليل الدم أو غرز الإبرة ونحوها فلا يفطر.

السادس : التقيؤ عمدا وهو إخراج ما في المعدة من طعام أو شراب عن طريق الفم ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « من ذرعه القيء فليس عليه قضاء ومن استقاء عمدا فليقض » .

ومعنى ذرعه : غلبه ، ويفطر إذا تعمد القيء إما بالفعل كعصر بطنه أو غمز حلقه ، أو بالشم مثل أن بشم شيئا ليقيء به ، أو بالنظر كأن يتعمد النظر إلى شيء ليقيء به فيفطر بذلك كله ، أما إذا حصل القيء بدون سبب منه فإنه لا يضر .

وإذا راجت معدته لم يلزمه منع القيء لأن ذلك يضره , ولكن يتركه فلا يحاول القيء ولا منعه .

 السابع : خروج دم الحيض والنفاس ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في المرأة : « أليس إذا حاضت لم تُصَلِّ ولم تَصُمْ ؟ » ، فمتى رأت دم الحيض أو النفاس فسد صومها سواء في أول النهار أم في آخره ولو قبل الغروب بلحظة .

وإن أحست بانتقال الدم ولم يبرز إلا بعد الغروب فصومها صحيح .

اللهم وفقنا لاغتنام الأوقات ، واشغلنا بالأعمال الصالحات ، اللهم جُدْ علينا بالفضل والإحسان ، وعاملنا بالعفو والغفران ، اللهم يسِّرْنا لليسرى ، وجنبنا العسرى ، واغفر لنا في الآخرة والْأُولَى.

 

 

اترك تعليق

من فضلك، أدخل تعليقك!
من فضلك، أدخل اسمك