كتب – محمد أبو النور :

في الوقت الذي تعاني فيه مدينة فارسكور من نقص حاد في الأراضي أملاك الدولة اللازمة لإقامة المشروعات المختلفة ، بشكل أدي لتدهور مستوي الخدمات بالمدينة ، كما أدي لتوقف مشروع الإسكان الاجتماعي وتعثر مشروع توصيل الغاز الطبيعي لسنوات طويلة ، يكشف ملف ترخيص صالة أفراح ، تسير الإدارة الهندسية بالمجلس في إجراءات اعتماده حاليا ، عن تلاعب صارخ في ملف أملاك الدولة بالمدينة ، حيث أن الأرض التي يتم الترخيص بالبناء عليها من أملاك الدولة ، وتم بيعها سرا منذ سنوات قليلة لمقدم طلب الترخيص ، إلا أنه لم يسدد حتي الآن للدولة ما تبقي عليه من أقساط .

كان مجلس المدينة قد شن حملة لإزالة صالة أفراح مخالفة منذ عدة شهور علي نفس الأرض ، ووعد مجدي حطب رئيس المدينة أصحاب الصالة المخالفة بتسهيل الإجراءات لهم عند تقدمهم بطلب ترخيص لإقامة الصالة ، مما دفعهم للمساهمة في احتفالية العيد القومي التي أقامها المجلس في شهر مايو الماضي ، والتقدم بطلب للحصول علي ترخيص .

وتقع الصالة الجديدة علي أرض من أملاك الدولة بحوض جورجي رقم 6 مقسمة إلي قطعتين متساويتين بإجمالي 325 م2 . وتم بيعهما بعقدي بيع ابتدائي أرقام 864 و 870 . ومنذ عام 2012 توقف مشتريا الأرض عن سداد الأقساط المستحقة عليهما ، مما أدي لتراكم مديونيتهم للمجلس علي مدي هذه السنوات ، حتي بلغت 335 ألف جنيه .

وتعتبر هذه الحالة مجرد نموذج لعشرات الحالات المماثلة لأراض أملاك دولة تم بيعها بمعرفة عدد من المسئولين السابقين والحاليين بالمجلس ، في أهم المواقع بالمدينة ، بدون إعلان ، وبأبخس الأثمان . والمثير أن أغلب المشترين  توقفوا عن سداد المبالغ المستحقة للدولة ، وهي في واقع الأمر ملاليم قليلة مقارنة بالأسعار السوقية والحقيقية للقطع التي تم بيعها ، مما يهدر علي الدولة ملايين الجنيهات من مستحقاتها .

أبرز هذه الحالات هو العقار المقام بالتعدي علي جزء من أرض محطة الديزل بالمدينة . حيث تواطأ عدد من المسئولين بالمجلس لتمكين المتعدي من الحصول علي المساحة المقام عليها العقار تحت مسمي تقنين وضع اليد ، وذلك إهدارا لأملاك الدولة وتحديا لأحكام القضاء ، فقد سبق صدور أحكام قضائية نهائية بإزالة العقار حتي سطح الأرض لأنه مقام علي أرض من أملاك الدولة .

ويبلغ مسطح أرض محطة الديزل 800 م2 تقريبا ، قيمتها السوقية تتجاوز 20 مليون جنيه .

وطبقا للقانون فإن الأراضي أملاك الدولة لا تباع إلا بالمزاد العلني لأعلي سعر . والمزادات لها إجراءات طويلة متشعبة ، أبسطها الإعلان بالصحف القومية تحقيقا للشفافية والعدالة . أما واقع الأمر فهو أن المجلس قام ببيع عشرات القطع في جنح الظلام ، بدون دراسة لاحتياجات المدينة من الأراضي ، وبدون إتباع الطرق القانونية لتعظيم الاستفادة من البيع وتحقيق تكافؤ الفرص بين المواطنين الراغبين في الشراء .

ويردد رئيس المدينة الحالي دائما أنه لن يقبل التفريط في أي متر من أملاك الدولة ، وأنه ” قتيل أملاك الدولة ” ، إلا أنه أثبت فشلا ذريعا حتي الآن في التعامل مع ملف الأملاك الشائك ، الأمر الذي يقتضي تدخلا من المحافظ والجهات الرقابية لمراجعة جميع أعمال بيع أملاك الدولة التي تمت بالمدينة والقرى التابعة لها ، علي الأقل خلال السنوات العشر الماضية ، للتأكد من قانونية البيع ، وحصول الدولة علي كامل مستحقاتها ، وإحالة أي مخالفات لجهات التحقيق المختصة لمحاسبة المسئولين عن إهدار أملاك الدولة وأموال الشعب ، خاصة في ظل اتجاه الدولة حاليا لاسترداد أملاكها المنهوبة وحقوقها الضائعة ، وتطهير جهازها الإداري من المسئولين المرتشين  والفاسدين .