كتب – محمد أبو النور :

شهدت مدينة فارسكور صباح يوم الأربعاء الماضى حملة لإزالة حالات تعدى على الأراضى الزراعية ، بلغ عددها 33 حالة طبقا للبيان المنشور على الصفحة الرسمية لمجلس المدينة .

الحملة التى تمت فى ظروف جوية بالغة السوء ، وكان من المقرر إلغاءها لولا إصرار المسئولين على تنفيذها تحت أسوأ الظروف ، غالبا بسبب الحرص البالغ لدى مسئولي المجلس على أداء دورهم وواجبهم فى حماية الأراضى الزراعية والتصدى بحسم للمتعدين عليها ، وهو الحرص الذى يؤتى ثماره فى الزيادة المستمرة للتعديات ومخالفات البناء داخل المدينة والقرى التابعة لها .

لكن الأغرب من حرص مسئولى مجلس المدينة ونشاطهم المفاجئ أن بيان المجلس تعمد تزييف الحقائق وتضليل الرأى العام بشكل لافت للنظر ومثير للتساؤلات .

حيث ذكر المجلس فى بيانه أنه تمت إزالة واتخاذ الإجراءات القانونية حيال المخالفين لعدد 33 حالة ، وهو أمر غير صحيح جملة وتفصيلا ، حيث اقتصرت الحملة ” المكبرة ” على حالة واحدة لبدروم برج سكنى تحت الإنشاء .

كما ذكر المجلس أن الحملة جاءت ” فى إطار سياسة الدولة بمواجهة حالات التعدى على الأراضى الزراعية .. ” ، وهو الأمر الذى لا ينطبق شكلا وموضوعا على الحالة الواحدة والوحيدة التى جرت إزالتها ، أو بالأدق العدوان عليها بشكل جائر ، وذلك لأنها تم بناءها بموجب ترخيص صادر من مجلس مدينة فارسكور ، وعلى أرض فضاء معدة للبناء وليست أرض زراعية ، فضلا عن وقوعها داخل تقسيم عمرانى معتمد فى الحيز العمرانى المعتمد للمدينة .

بينما على بعد أمتار قليلة من الحالة التى تم العدوان عليها توجد عشرات المبانى والأبراج المخالفة ، المقامة فعلا بالتعدى على الأراضى الزراعية ، وبعضها تم بناءه بدون إشراف هندسى بشكل ينذر بكوارث قد تصيب الأرواح والممتلكات لا قدر الله ، ولم يتدخل المجلس لوقفها أو إزالتها ، ولم تلفت أنظار مسئولى مجلس المدينة .

أما حجة الإزالة العجيبة والغريبة للحالة التى تم العدوان عليها فهى أن الملاك تعدوا على حرم ترعة من أملاك الرى كانت تروى أراضى هذه المنطقة فى سالف العصر والزمان ، وهى حُجة على مجلس المدينة وليست حُجة له ، لأن المجلس هو الجهة المنوط بها التأكد من مدى مطابقة طلبات الترخيص للقانون وعدم تعدي أصحابها على أملاك الغير وأملاك الدولة وحرم الطرق العامة وخطوط التنظيم المعتمدة .

والشاهد أن الملاك قاموا بالبناء على المساحة المحددة بموجب الترخيص الصادر برقم 40 لسنة 2017 ، دون تجاوز أو زيادة ، بل وقاموا بترك مساحة إضافية قدرها 4 متر لحرم طريق الإدارة الزراعية ، والذى حدد الترخيص عرضه بـ 16 متر ، ليصبح عرضه فعليا 20 متر .

لكن الأعجب والأغرب عدم اخطار أو اعلان الملاك أصحاب المخالفة المزعومة بمحضر المخالفة وقرار الإزالة ، حيث فوجئ الملاك ذات صباح شتوى ممطر وقارس البرودة بالحملة فوق رءوسهم ، نزلت لهم خصيصا متحدية جميع قوانين الطبيعة وما وراء الطبيعة لاسترداد حرم ” قناية ” تمت تغطيتها منذ عهد سحيق !

ويحدد القانون ضوابط إزالة المخالفات وينص على ” توقف الأعمال المخالفة بالطريق الإدارى ويصدر بالإيقاف قرار مسبب من الجهة الإدارية المختصة بشئون التخطيط والتنظيم يتضمن بيانا بهذه الأعمال ويعلن هذا القرار بالطريق الإدارى الى شخص المالك أو من يمثله قانونا والمقاول القائم بالتنفيذ والمهندس المشرف على التنفيذ فإذا تعذر إعلان أيهم بشخصه يتم إخطاره بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول على محل إقامته المختار والمدون لدى الجهة الإدارية المختصة بشئون التخطيط والتنظيم ” .

أى أن صدور قرار بالإزالة ، فضلا عن تنفيذها بدون إعلان ، مخالفة صريحة للقانون الذى يلزم جهة الإدارة باخطار مرتكب المخالفة بوجود مخالفة ومنحه مهلة لتصحيح أوضاعه أو إزالة المخالفة خلال 15 يوما من تاريخ الاخطار .

والخلاصة أن قرار الإزالة الصادر عن المجلس فى أساسه باطل لعدم اخطار الملاك بوجود مخالفة ، حيث أن مخالفات البناء نوعين : مخالفة بناء بدون ترخيص ، ومخالفة بناء بالمخالفة للترخيص الصادر ، وكلاهما غير متوافر فى هذه الحالة ، ويحق للملاك المتضررين الرجوع على مسئولى مجلس المدينة بالمساءلة القانونية والإدارية والتعويض القضائى العادل عن الأضرار المادية والمعنوية التى أصابتهم نتيجة الإزالة التعسفية .

هذا عن الشق القانونى أما عن الشق الخاص بالرأى العام ، وهو الأخطر ، فإن بيان المجلس المزيف للحقيقة يدعو لعدم الثقة فى بيانات المجلس من جانب المواطنين ، بسبب افتقادها للمصداقية واخفاءها المعلومات الصحيحة لمجرد الرغبة فى تلميع بعض المسئولين ، أو إيهام الرأى العام وكبار المسئولين فى المحافظة والدولة بوجود نشاط وجهد غير عادى ، لاسيما فى ظل وجود تعسف وكيدية فى الإزالة ، للدرجة التى دفعت القائمين على الحملة لتدمير واجهة العقار التى يبلغ طولها 12 متر ، رغم أن المساحة المزعومة التى تم التعدى عليها لا تتجاوز 3 متر فقط ، وهو الأمر الذى أدركته القيادات الأمنية المسئولة عن تأمين الحملة ، فأمرت بوقف الإزالة بسبب شبهة التعسف والكيدية من جانب مسئولى مجلس المدينة .

اترك تعليق

من فضلك، أدخل تعليقك!
من فضلك، أدخل اسمك