الفسطاط

كتب: خالد رزق

خالد رزق

في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أرسل عمرو بن العاص لفتح مصر ولما جاء إلى مصر فاتحا لها لم يهدم فيها أثر من آثار الفراعنة ولا معبدا من معابد يهود ولا كنيسة من كنائس النصارى وترك الناس يدخلون في دين الله أفواجا طواعية وليس كرها ولا غصبا كما قال الله تعالى ( لا إكراه في الدين ) .

 ولما جاء لمصر لم ينزل في أماكن تجمع الناس حتى لا يتسبب لهم في ضيق أو أذى بل نزل في مكان خرب ليس فيه سكان ولا أحد وبنى خيمته التي كانت تسمى الفسطاط ولما أتم عمله وأراد أن يذهب أراد هدم الخيمة الفسطاط ويحملها معه ولكنه رأى فوقها طائر قد بنى عشه ومعه صغاره من الفراخ الصغيرة فأبت عليه المروءة والرحمة أن يفزع هذا الطائر وصغاره وترك خيمته الفسطاط ومع مرور الزمن تجمع العمران حول تلك الخيمة حتى اتسع هذا العمران وكانت بذلك أول عاصمة إسلامية لمصر وللشرق الأوسط وشمال إفريقيا ألا وهي              (( الفسطاط )) .

 والسؤال الذي يطرح نفسه الآن   ………  ما هو الأساس الذي بنيت عليه الفسطاط ؟ والإجابة عن هذا السؤال في غاية البساطة ………… فالأساس الذي بنيت عليه الفسطاط هو الرحمة نعم الرحمة والمروءة ,

 وبذلك فإن أول عاصمة لمصر الإسلامية هي الفسطاط تم بناؤها على أساس من الرحمة فرسالتي لجميع المصريين تتلخص في هذه البنود : الأول : ابنوا بلادكم  ووطنكم وبيوتكم وعلاقاتكم مع بعضكم البعض على أساس من الرحمة .

 الثاني : قد يعتقد البعض من ضعاف النفوس أن نقطة ضعف أي إنسان هي وسيلة للضغط عليه حتى ينفذ مالا يريد أو حتى لاستغلاله أو لأخذ منه مالا يجب عليه  أن يأخذ منه ولكن من وجهة النظر الصائبة أن نقطة ضعف أي إنسان تعتبر هي بذاتها مصدرا لقوته ، فقوة أي إنسان تكمن في ضعفه لأنه ضعيف وفقير إلى الله سبحانه وتعالى وليس لأحد ، فإذا استطاع أحد أن  ينصب نفسه مستغلا نقاط ضعف إنسان فالله هو  القوي ومن استغل فقر إنسان فالله هو الغني ومن استغل منصبه فالله مالك الملك ومن استغل نقطة ضعف أحد فعليه أن يعلم أنه من يتوكل على الله  فهو حسبه وإن مصادر القوة تستمد من الله وليس من عند أحد وما بني على باطل فهو باطل وكل ما يترتب عليه من آثار أو معاملات باطل بالفعل .

الثالث :  المؤمن لا يقع وإن وقع وجد متكأّ يتكئ عليه وهي رحمة الله فيا أيها المظلوم لا تنتقم لنفسك فعقاب الله أشد ، ورحم الله من قال أنه لو علم الظالم ماذا أعد الله من خير كثير للمظلوم لبخل الظالم على المظلوم بظلمه له 

 وأخيرا يا أيها المصريون الكرام جميعكم أقباط  …..مسلمين ومسيحيين  …….وهذه بلادكم وهذه عائلاتكم وهؤلاء أبناكم فعليكم أن تبنوا هذا البناء على أساس من الرحمة المستمدة من خيمة عمرو بن العاص الفسطاط وليس عليكم أن تكونوا أشداء على أنفسكم أذلاء على أعدائكم ولا تعكسوا قول الله تعالى في آخر سورة الفتح ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ) رحم الله أبائكم وأجدادكم وشهدائنا وشهدائكم الذين استشهدوا لبناء ورفعة هذا الوطن العزيز الغالي وتحيا مصر ومن حاول أن يغير عليها فلن يستطيع فقد حماها الله من فوق سبع سموات قائلا في كتابه العزيز ( ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين ) فالله هو الذي أمن بلادنا مصر الحبية .