كتب – محمد أبو النور :

خلال الأسابيع القليلة الماضية بدأ مجلس مدينة فارسكور في عمل عدد من الاستراحات الخراسانية ( البرجولات ) بكورنيش النيل بالمدينة ، لتزيين وتجميل الكورنيش من ناحية ، ومن ناحية أخري للتيسير علي أهالي المدينة في التنزه والاستمتاع بالكورنيش ، الذي يعد المتنفس الطبيعي والسياحي الوحيد بالمدينة .

ويبلغ عدد البرجولات التي يجري تنفيذها وتشطيبها حوالي 10 برجولات ، قابلة للزيادة بامتداد الكورنيش ، وتقدر تكلفة البرجولة الواحدة بـ 16 ألف جنيه .

ويتولي عدد من رجال الأعمال بالمدينة تمويل أعمال البرجولات بجهودهم الذاتية كتبرع لمجلس المدينة ، بدون أن تتحمل خزينة المجلس مليما واحدا في عمل البرجولات ، حيث يقتصر دور المجلس في المتابعة والإشراف علي الأعمال فقط .

وبصرف النظر عن العيوب الهندسية في البرجولات التي يتم تنفيذها ، والتي تتلخص في سوء توزيعها بطول الكورنيش نظرا لعدم وجود مخطط هندسي ، وتباين واختلاف أحجامها بسبب عدم وجود نموذج موحد لدي المجلس ، بالإضافة إلي صب القواعد الخراسانية للبرجولات علي البلاط المتداخل لرصيف الكورنيش ، مما يسهل كسرها في حالة هبوط أرضية الرصيف حسب آراء المتخصصين .

كذلك بصرف النظر عن الجريمة الكبرى التي ارتكبها المجلس بالقطع الجائر لعدد من الأشجار ” التاريخية ” التي تعتبر أقدم من الكورنيش نفسه ، لتنفيذ هذه البرجولات ، فإن الأهم والأخطر ما يردده حاليا بعض الخبثاء من أهل المدينة أن المجلس يقدم تسهيلات وتنازلات لرجال الأعمال مقابل البرجولات .. بمعني أدق وأوضح : البرجولات تغسل رجال الأعمال من ذنوبهم ومخالفاتهم أمام المجلس  .

ويشير الخبثاء إلي أن أحد رجال الأعمال – وهو مقاول شهير بالمدينة – يتولي إنشاء 2 برجولة ، بالإضافة إلي توليه أعمال المقاولة علي باقي البرجولات ، نجح في الحصول منذ أيام قليلة علي رخصة هدم لعقار قديم مطل علي طريق دمياط المنصورة ، خلال 72 ساعة فقط ، وهي أسرع رخصة هدم صدرت في تاريخ مجلس المدينة ، وربما في تاريخ وزارة التنمية المحلية . ويأتي ذلك في الوقت الذي تتراكم فيه طلبات المواطنين للحصول علي رخص هدم لعقاراتهم داهمة الخطورة داخل أدراج المجلس لسنوات طويلة ، ربما تنهار خلالها العقارات فوق رءوس أصحابها قبل أن يوافق المجلس علي إصدار رخص بهدمها .

ونموذج آخر يسوقه الخبثاء في التدليل علي صحة مزاعمهم ، وهو رجل أعمال يتولي تنفيذ 2 برجولة أيضا ، يمتلك عمارة شاهقة مطلة علي كورنيش النيل ، وهي في الأصل برخصة 4 أدوار ، قام بزيادتها بالمخالفة حتي وصل إلي 9 أدوار حاليا والبقية تأتي ، وسط صمت رهيب من مسئولي المجلس ، الذين اكتفوا بتستيف أوراق الأدوار المخالفة ، بدون أي إجراء عملي لوقفها ، رغم أن العقار يقع علي مرمي حجر من المجلس ، بل وفي منتصف الطريق الذي يقطعه رئيس المدينة يوميا من استراحته إلي مكتبه .

المثير أن رجل الأعمال صاحب المخالفة قام بالتبرع مؤخرا بـ ” ديب فريزر ” للمجلس . ولم يستوعب أحد حتي الآن الحكمة المقصودة من وجود ” ديب فريزر ” داخل مصلحة حكومية كمجلس المدينة : هل لتبريد وحفظ الأطعمة والمشروبات ؟ أم لتبريد وحفظ قرارات الإزالة التي صدرت للمخالفات ؟!

أما النموذج المفحم الذي يقدمه الخبثاء لقطع ألسنتنا فهو كوافير شهير ، يقع داخل عقار مبني بدون ترخيص علي كورنيش النيل ، حيث اتفق المسئولون بالمجلس مع صاحبه علي إنشاء 2 برجولة ، بالإضافة إلي التبرع بعدد من كاميرات المراقبة للمجلس ، تم تركيبها بالفعل منذ أيام قليلة .

ولا يختلف اثنان من أهل المدينة علي أهمية تطوير مظهرها وتجميلها وصولا إلي أرقي المستويات . لكن هذين الاثنين سوف يختلفان وتقوم بينهما خناقة كبري بالأسلحة البيضاء وربما الآلية حول الأسلوب الأمثل لتحقيق هذا الهدف النبيل : هل هو أسلوب التسهيل والتشهيل والمنفعة المتبادلة لتسيير المراكب العطلانة ؟ أم أسلوب الحنبلية الإدارية والقانونية وليذهب التجميل الذي لا يأتي إلا من طريق مشبوه إلي الجحيم ؟!

ويبقي الطريق المستقيم في النهاية أفضل الطرق وأقصرها ، كما تبقي الحكمة القائلة بأن ” أخلاقية الهدف لا تبرر عدم أخلاقية الوسيلة ” هي فصل القول بين الفريقين المتصارعين .