الألطاف الخفية .. يكتبها وســــــــام وهدان

0
258

وكم في الابتلاءات من الألطاف الخفية

قال تعالى :

{ إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ }.

 

يجب أن لا نغفل  في زحمة الأحداث، وشدة وطأتها على قلوبنا ـ عن السنن الإلهية في ابتلاء أهل الإيمان، فلقد ابتلي من هو أفضل منا، وكم في الابتلاءات من الألطاف الخفية لربنا تعالى ، والتي قد تعجز عقولنا عن تصورها، فضلاً عن الإحاطة بها.

أين نحن من قوله تعالى لخير جند مشوا على وجه الأرض محمد صلى الله عليه وسلم – وصحابته الذين قيل في حقهم -لما ابتلوا بما ابتلوا به يوم أحد -: { وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ } قال احد من السلف: أي ليختبر الذين آمنوا، حتى يخلصهم بالبلاء الذي نزل بهم، وكيف صبرهم ويقينهم.

وقيل لهم أيضاً: { وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ } ، أي : يختبركم بما جرى عليكم ليميز الخبيث من الطيب، ويظهر أمر المؤمن من المنافق للناس في الأقوال والأفعال .

هل نسينا  ما وقع لنبينا – صلى الله عليه وسلم- يوم أحد ؟ أو يوم الأحزاب؟!.

إن هذه الأحداث التي أقلقتك وأزعجتك ، إنها تحت سمع الله وبصره، والله تعالى- أغير من خلقه أن تنتهك حرمات عباده ، ويُعرض عن دينه ، ويحارب حزبه ، ولكنها السنن – التي ربّى النبي – صلى الله عليه وسلم- عليها أصحابه حين اشتكوا إليه شدة ما يلقون من المشركين ، ومنهم خباب.

كما في البخاري – قال: « شكونا إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم- وهو متوسد بردةً له في ظل الكعبة، قلنا له: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو الله لنا؟ قال: ” كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض، فيجعل فيه، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه، فيشق باثنتين، وما يصده ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون » .

سنة الابتلاء

ومع استحضار سنة الابتلاء، فإننا يجب أن نتذكر أن هذا الطغيان والاستبداد الذي تراه من أمم الكفر، هو أيضاً لا يخرج عن سنة أخرى من سنن الله تعالى في الأمم، وهي أن هذا في الحقيقة تمهيد لمضي سنة أخرى من سنن الله تعالى.

يقول ابن القيم  وهو يتحدث عن العبر من غزوة أحد في (زاد المعاد) : ومنها ـ أي من دروس غزوة أحد ـ أن الله سبحانه إذا أراد أن يهلك أعداءه ويمحقهم ، قيض لهم الأسباب التي يستوجبون بها هلاكهم ومحقهم ، ومن أعظمها – بعد كفرهم – : بغيهم وطغيانهم، ومبالغتهم في أذى أوليائه، ومحاربتهم وقتالهم، والتسلط عليهم، فيتمحص بذلك أولياؤه من ذنوبهم وعيوبهم، ويزداد بذلك أعداؤه من أسباب محقهم وهلاكهم.

فقد استويتم في القرح والألم، وتباينتم في الرجاء والثواب، كما قال: { إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ } فما بالكم تهنون وتضعفون عند القرح والألم ، فقد أصابهم ذلك في سبيل الشيطان وأنتم أصبتم في سبيلي وابتغاء مرضاتي.

وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا

وقد ذكر سبحانه وتعالى ذلك في قوله: { وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ }{ إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ }{ وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ } ، فجمع لهم في هذا الخطاب بين تشجيعهم، وتقوية نفوسهم، وإحياءِ عزائمهم وهممهم، وبين حسن التسلية، وذكر الحكم الباهرة التي اقتضت إدالة الكفار عليهم.

قلب نظرك  في صفحات التاريخ ، فستجد أن الأمة مر بها أنواع من الفتن والابتلاءات، أضعفتها، وأنهكتها فترة من الزمن، ولكنها عادت بعد ذلك قويةً.

ونسأل الله لنا ولكم العفو والعافية .

اترك تعليق

من فضلك، أدخل تعليقك!
من فضلك، أدخل اسمك