إقتصاد مصر بين الانفتاح العشوائي والانغلاق الإجباري

0
0

كتب

المحرر والناشر الإلكتروني لجريدة صوت الشعب، الصادرة من وعن محافظة دمياط

إقتصاد مصر بين الانفتاح العشوائي والانغلاق الإجباري

إعداد / د . ناديه المرشدي

إن مايعانيه  اليوم الاقتصاد المصري من هشاشه وأمراض مزمنه يرجع بداياته إلى إنفتاح السداح مداح فكأن هذا الانفتاح كان الهدف منه أن يقال ذات يوم ماقاله اللورد كرومر متباهيا بعد سنوات من أحتلال مصر ( لقد أختفت الصناعات المحليه من الأسواق وصارت السلع الأوروبيه في كل مكان ) ولم يدرك دعاة الانفتاح العشوائي أنه حتى الدول الرأسماليه الغنيه كانت إذا شعرت بوادر خلل في أقتصادها الوطني تسرع إلى إجراءات الحمايه بشتى الصورفعلتها أمريكا ضد أوروبا واليابان حين ضعف الدولار في أواخر حرب فيتنام وكذلك فرنسا وإنجلترا وإيطالياعمدت إلى اتخاذ إجراءات حمايه منفرده مخالفه لقوانين السوق المشتركه بمجرد إحساسها بالخطر  فكان لابد للمرحله الأولى للانفتاح أن تكون مرحلة إدخار وحرص على الموارد وصعوبات وأولويات  فقانون الاستثمار الذى أعقب قرار الانفتاح كان فضفاضا وترك الكثير من الأمور للبساطه التقديريه للشخص أو الجهه المسئوله عن التنفيذ وهذا أمر بالغ الخطوره من ناحية إحتمال الخروج عن الخطه العامه للبلاد ومن ناحيه عدم إطمئنان المستثمر الأجنبي ذاته لهذه البساطه التقديريه فالثقه تدعم بالقواعد لا بالأشخاص ولذلك كان لابد أن يستكمل القانون بلوائح أو قواعد مكتوبه منظمه لمصلحة الطرفين معا

كان لابد أن يكون منطق الانفتاح بقواعده وضوابطه ممتد من الوزير إلى الموظف الصغير الذي يباشر العمل اليومي

لم يكن هناك خطه واضحه أو مشروعات مدروسه صالحه للتنفيذ

لقد تم أصدار قانون الانفتاح الذي يسمح بالاستيراد بدون تحويل عمله لأول مره أي أن ثمن السلع المستورده يتم دفعه من عملات المصريين بالخارج دون أن تمر تلك العملات على مصر من بره بره ؟!!!! فكان الهجوم الاستهلاكي الكبير الذي هو ليس ماتحتاج إليه البلاد بعد سنوات الحرب من 67/73 فكان من السهل على أي شخص ليس له أي علاقه بالتجارة أو الصناعه أن يشتري من بيروت فستق بمائة ألف جنيه حينها ويعرضها فى القاهره لتلتهمها الأسواق في أسبوع فيكسب أرباح طائله ويستورد فستق من جديد  وهكذا يدور ماله عشرات المرات بسرعه فائقه في وقت لم تكن مشكلة مصر فيه الفستق واللبان والشوكولاته والسفن آب وكانت هناك باعتراف  الدكتور عبد العزيز حجازي رئيس الوزراء وقتها أنه كان هناك قوى عاتيه تضغط في هذا الاتجاه ودخول أصناف من الناس الغرباء في عالم التجاره والمال والاقتصاد وبمخاطر هذا التيار الذي يجرف أمامه كل قيود أو نظم أو قوانين

كانت موجة إنفتاح السداح مداح عاليه جدا وقد تزامن هذا مع الارتفاع الهائل والمفاجئ في أسعار البترول بعد 73 وسفر المصريين بالآلاف والملايين وتدفقت التحويلات بآلاف الملايين على مصرمن كل جهه كما تدفق الاستيراد بدون تحويل عمله أي إستخدام تلك العملات من عرق المصريين بالخارج للاستيراد الاستهلاكي رأسا من جهه أخرى وسبحت مصر السوق وليست الدوله على بحر من العملات الصعبه لم يسبق له مثيل وبدلا من إنتهاز هذه الفرصه لتحويل هذه الأموال ألى قنوات إستثماريه منتجه تركت ترتع في الأسواق وتوجد الشهوات الجديده وتنتج الفرص للمغامرين

واللصوص والمزيفين الذين ينتحلون صفة رجال أعمال والذين تصدروا المشهد الاقتصادي  والسياسي بعد ذلك فى عهد مبارك في الحكومات المتعاقبه هذا الواقع هو الذي رفع ديون مصر من ألف مليون دولار ألى أكثر من 30ألف مليون دولار في الفتره من 74حتى 84 بداية الوقوع في بحر الديون وجعل مصر لاتستفيد من مرحلة الثروه البتروليه وأخذ المصريون يعودون بلاعمل وبالتالي كل مصاعبنا الاقتصاديه التي نحن بصددها الآن وهذا توقع أي إقتصادي معتدل يرى خطورة إعتماد مصر في إنفاقهاالاستهلاكي الهائل على مصادر ليست في يدهامن تحويلات مصريين  من الخارج وبدأت الساحه منذ الانفتاح تمتلئ بدلا من المستثمرين الحقيقين بأشباح أشخاص نسمع عنهم ولا نراهم أخذت رائحة تجاوزاتهم تزكم الأنوف وبدأ أن الوضع الاقتصادي في البلاد بدلا من أن يأخذ طريقه إلى تصحيح وتجديد وانفتاح مثمر أخذ يتفكك تحت مطارق تسويه أجنبيه ومحليه وخصخصه  وكأن المقصود هو مجرد تفكيك هذا الاقتصاد وتركه مبعثرا عاجزا  عن الحركه وليس المقصود إعادة صياغته تحت أي عنوان مفهوم رأسماليا كان أو أشتراكيا أو مختلطا فكان يبدو أن الموجه الجديده تستهدف إنهاء محاولة إقتصاد وطني يستطيع الوقوف على قدميه والتعامل مع الدنيا طبقا لقواعد مقبوله وإعادة هذا الاقتصاد إلى التبعيه الكامله للخارج مما يذكر بما حدث في أواخر عهد الخديوي إسماعيل تحت حكم اللورد كرومر والخديوي توفيق

ومن المؤلم أن تضطر مصر بعد هذا التسيب والفساد والانسياق للمصالح الشخصيه الرعناء إلي (إنغلاق ) إجباري لمواجهة كارثة أعباء الديون وفوائدها التي لاتتحملها هشاشة إقتصادها الذي تم تجريفه من الاستثمار الإنتاجي على مدى عقود فلم يكن إنغلاق  إختياري قررناه بإرادتنا لكي نقيم أداء المجتمع الصناعي الذي لابد منه ولكنه إنغلاق إضطراري أجبرنا عليه  الدائنون وأجبرنا عليه سطوة عقود من الجشع وقصر النظر وعدم الأحساس بالمسؤولية فضلا عن الآثار النفسيه المدمره  لثقافة التجميع والفهلوه  والكسب السريع وجميع الأمراض المجتمعيه التي نهشت نسيجنا الاجتماعي والتي أوجدتهافي مجتمعنا هذه السياسه القتصاديه إذا كانت جديره بإسم سياسه إقتصاديه

إعداد / د ناديه المرشدي

اترك تعليق

من فضلك، أدخل تعليقك!
من فضلك، أدخل اسمك