الراوي والربابة يعود لمحجوب وشملول من جديد!
لا يتوقف الراوي عن السرد في رواية محجوب وشملول والمصلحة التي غنى فيها الراوي فمنذ أن عرف أبناء المصلحة ذات الصيت التي مضى على مجيئها للحياة أكثر من سبعين عاما على وشك أن تصبح في ذمة التاريخ بعد قرارات مرة عن الهيكلة وأخرى عن الدمج وثالثة عن التصفية وأخيرة عن البقاء كل ما قيل كان بعيدا عن أعين أبنائها وتركوهم يرددون عشرات الأسئلة والتساؤلات دون إجابة شافية من رئيس المصلحة أو من القيادات الأخرى.
وأكثر سؤال يتردد هو: أي خطة تطوير تلك التي تقوم على التفتيت والتصفية؟ ولماذا تردد قيادات المصلح على الموظفين الغاضبين أن قرارا يهدف للمصلحة العامة صدر بذلك؟ لماذا لم يتم شرح كل شيء لأبنائها بشفافية تامة طالما أن المصلحة العامة هي المقصد الأساسي من وراء هذا التغيير الذي فاجأ إبناء المصلحة وأغضبهم؟
الأمر يلفه الغموض، والغموض يفتح الباب للكثير من التأويلات وكان من الضروري إعداد خطة شاملة وواضحة حول مصير العاملين بتلك المصلحة وليس هذا فقط ولكن كان من الضروري تحديد مصير حقوق الكثير من أبنائها الذين مازالوا على قوة العمل والمتقاعدين الذين لهم مستحقات ترفض الهيئة صرفها لهم رغم وجود أحكام باتة حول هذه الحقوق لقد امتد خيال الراوي من جديد بعد أن رأى أن المصلحة لا تزال غاضبة ويحيطها القلق الذى تزداد حدته بسبب الغموض الذي سيطر على مصير المصلحة بقطاعاتها الداخلي والخارجي الداخلي الذي يئن أبناؤه لأن أحدا لا يستمع ولا يهتم بما يجيش في صدورهم من غضب، ولسان حالهم يقول : هل يليق أن تكون كافة المعلومات عن مصير المصلحة ملك شخصين اثنين هما شملول ومحجوب عبد الدايم بتاريخهما الذي يعرفه الجميع وما أثير حولها من كلام واتهامات وشكاوى وقضايا؟
هل يجوز أن يتولى محجوب تقرير مصير القطاع الداخلي رغم كل ما جرى به؟ ومن الذي أسند له هذه المهمة بعد أن أصبح محل رفض واعتراض من قبل جميع من ينتسبون لهذا القطاع؟ وهل يجوز أن تسند مهمة تنفيذ عملية التصفية التي يسمونها هيكلة لشملول سارق التيار الكهربائي الذي لا ينبغي أن يكون في مكانه؟ ولماذا أعلن محجوب بشكل مفاجئ قبل أيام أنه لا علاقة له بعملية تسليم مقار المصلحة الموجودة بالأقاليم وأنه لم يعد موجودا ضمن اللجنة المسئولة عن ذلك؟ وما معنى ما قاله شملول من أنهم سيقومون بإعطاء أصول المصلحة الموجودة كالمقار لتلك المحافظات وتتسلمها المحافظات باعتبارها أماكن غير مستغلة؟ وهل تم حصر هذه الممتلكات والأجهزة في كشوف معينة قبل أن تسلم لكي يعرف عددها ومسمياتها وقيمتها المادية؟ وهل تم وضع آلية معينة لمنع أي طرف من التلاعب بأي شيء وعدم وضعها في الكشوف؟ وهل هذه اللجنة تضم أفراد من الأقاليم أو من أي أجهزة رقابية أم أنها جرت فقط تحت عيني شملول وأعوانه وأن إكرام الميت دفنه؟
الغريب في كل ما يجرى بشأن القطاع الداخلي المنكوب هو ورغم ما يجري له من تصفية فقد تم قبل حوالي شهر إقامة ملتقى كبير دعي إليه جميع المديرون من أقصى الشمال إلى الجنوب وأنفق عليه مبلغا هائلا لزوم الإقامة وتذاكر السفر لكل أبناء القطاع، فماذا كان الداعي لذلك الملتقى لقطاع قد قررتم التخلص منه؟ وكم المبلغ الذي أنفق على هذا الملتقى ومن أي بند من بنود الميزانية تم الإنفاق عليه؟
لم يتخيل أكثر المتشائمين من أبناء القطاع أنه عقب انتهاء هذا الملتقى الذي تكلف الكثير سيأتيهم نبأ نقل القطاع لوزارة التنمية المحلية!!! كل شيء يدعو للريبة والشك حول ما يجري في مصلحة الصيت، ليس فقط لأنها تبدو مصلحة ذابت مهامها واندثرت ولأن قيادات هذه المصلحة على مدار سنوات مضت لا يشعرون باستقرار تجاهها، ولو كانوا يشعرون بأي بالاستقرار لدافعوا عن وجودها وطوروها وفق متغيرات العصر، فكل شيء في العالم تطور، حتى الميكنة الزراعية أخذت بأحدث أدوات الزراعة ووزارة الصحة أخذت بآخر ما توصل إليه العلم في الفحوصات والتحليل ووسائل العلاج ،والأجهزة الأمنية والجيوش استخدمت آخر ما توصل إليه العلم والتكنولوجيا فيما يتعلق بعملها، ولكن المصلحة ذات الصيت ظلت تحرث بالمحراث البلدي الموجود في الرسوم الفرعونية ،وكانت السبع العجاف التي استخدم فيها شملول ومحجوب وعطعوط وشلبية وأبو جاموس والدفاس وبديعة الحيزبون كافية لتصبح المصلحة برمتها في ذمة التاريخ. إن ثالثة الأثافي بعد كل ما قيل هي القصة التي تتردد بين أروقة المصلحة هذه الأيام من أن محجوب عبد الدايم بعد أن أرسل القطاع الداخلي إلى مثواه الأخير سوف يتولى قطاع المعلومات في الوقت الذي فغر فيه أبناء القطاع الجديد أفواههم وقالوا: لقد هزلت حتى بدا من هزالها كلاها. وهنا أصيب الراوي بنوبة شديدة من الشهاق أو الحازوقة (الزغطة) وحاولنا مساعدته بقليل من الماء.
وقبل أن يحمل الراوي عصاه ويرحل رفع بصره إلى السماء وقال: لقد طال ليل المصلحة ولابد أن يطلع الغبش ولابد للصبح أن يتنفس ولأبناء المصلحة أن يكسروا أوانيهم الفخارية التي طال انتظارها.
كاتب المقال رئيس مؤسسة دار الهلال السابق
المزيد :مجدي سبلة يكتب.. (فصول رواية شملول ومحجوب لم تنتهي )